نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: أنوار المولد النبوي تضيء ظلام الحرب في السودان - تليجراف الخليج اليوم الاثنين 1 سبتمبر 2025 07:57 مساءً
متابعات- تليجراف الخليج
وسط أصوات الرصاص في أطراف المدن ، تتأجج في الداخل روحانية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، حيث امتزجت روائح البخور بالمدائح الصوفية لتشكل لوحة من الصمود والتشبث بالحياة رغم الحرب والجراح.
طقوس متوارثة تتحدى الحرب
تعود احتفالات المولد في السودان إلى جذور تاريخية عميقة، مرتبطة بالطرق الصوفية الكبرى مثل الختمية والقادرية والسمانية والتيجانية. وتبدأ الفعاليات عادة قبل أسبوعين من الثاني عشر من ربيع الأول، وتصل ذروتها في ليلة العطلة الرسمية. تجمع الموالد السودانية بين حلقات الذكر والإنشاد الديني والأجواء الشعبية المبهجة التي تزينها المصابيح الملونة والمأكولات التقليدية.
في الساحات، يبرز “حصان المولد” و”عروس السكر”، فيما ينتشر صوت الطبول والطارات معلناً انطلاق الزفة التي تجوب الشوارع بالمدائح والتهليل، في مشهد يعكس التماسك الاجتماعي والفرح الجماعي.
زخم أقل لكن حضور قوي
رغم النزوح والمعارك، شهدت مدن سودانية مختلفة إقامة الموالد، حيث عاد زوار ميدان الخليفة في أم درمان، الأشهر في البلاد، للانخراط في الاحتفالات، وإن كان الزخم أقل من السنوات الماضية. يقول عمر عثمان: “الناس تمضي وتعود إلى الساحة، مشهد يبعث على الألفة والأمل. إقامة المولد في هذه الظروف تعطي الطمأنينة”. ويضيف أن الاحتفال “رسالة صمود، تؤكد أن السودانيين لن يتخلوا عن تقاليدهم وروحانيتهم مهما اشتدت الأزمات”.
شهادات من قلب الاحتفال
أم سارة، سيدة خمسينية، تحدثت عن رغبتها في إدخال السرور على أطفالها قائلة: “الحلوى والأنوار ذكّرتهم بأن الحياة مستمرة، وأن الحرب لن تسرق فرحتهم”.
خصوصية المولد في السودان
الدكتور عبد المحمود أبو، الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار، قال إن المسلمين في السودان يحتفلون بالمولد كل حسب طقوسه، سواء داخل الأسرة أو الزوايا والمساجد، مضيفًا أن الاحتفال الكبير يتم في مسجد خليفة المهدي بأم درمان، حيث توقّف لمدة عامين بسبب الحرب، ليعود هذا العام وسط انحسار النزاعات عن ولاية الخرطوم.
أما الشيخ الأمين، أحد شيوخ الطرق الصوفية، فأكد أن الاحتفال يجمع بين الفرح الاجتماعي والديني، ويشارك فيه الأطفال ببراءتهم، ليضيفوا جمالًا وحلاوة للحدث.
ما وراء الاحتفال
ويرى الباحث الاجتماعي الطيب محمد الحسن أن إصرار السودانيين على الاحتفال وسط الحرب يمثل “آلية مقاومة رمزية”، مؤكدًا أن المولد ليس مناسبة دينية فحسب، بل فضاء اجتماعي واقتصادي يلتقي فيه الجميع، من شيوخ الطرق إلى الباعة الصغار، ومن النساء والأطفال إلى الشباب، ليشكل مساحة جامعة ومعبرة عن الصمود الشعبي.
عودة الأمل
في أم درمان، حيث ارتفعت الزغاريد وتعانقت صيحات التهليل مع ترانيم الدراويش، بدا المشهد لوحة متناقضة: أصوات الحرب في الخارج، وأهازيج الفرح في الداخل. ووصف أحد الحضور اللحظة قائلاً: “غمرتني مشاعر عظيمة. بدا لي أن مدينتنا تلملم جراحها وتمضي نحو التعافي. المولد أعاد لنا بعضاً من الأمل الذي افتقدناه”.
يبقى الاحتفال بالمولد النبوي في السودان بارقة ضوء وسط العتمة، ودليلاً على أن السودانيين مهما اشتدت محنهم، لا يزالون قادرين على التشبث بالحياة وانتظار فجر السلام.
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق