الفاشر- تليجراف الخليج

أصدرت تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر منشورًا وُصف بالمخيف، حمل بين سطوره تحذيرات صريحة حول مستقبل المدينة، مؤكدة أن لا مدينة في العالم منيعة إلى الأبد، وأن الصمود وحده دون دعم فعلي لن يكفي للحفاظ على بقائها.

وأكدت التنسيقية أن هناك من يتوهمون أن بعض المدن محصنة ضد الانكسار، وأن الجغرافيا تمنحها مناعة أبدية، إلا أن هذه التصورات مجرد أساطير تنهار أمام واقع الحرب والدمار. وأشارت بوضوح إلى أن الفاشر ليست مجرد أسطورة بل مدينة حقيقية من بشر وأحجار وأسواق ومستشفيات، مدينة صمدت طويلًا لكنها دفعت أثمانًا باهظة نتيجة الحصار والاعتداءات المتكررة.

الفاشر بين الأسطورة والواقع القاسي

أوضحت التنسيقية أن الفاشر تحولت خلال العامين الماضيين إلى مدينة منهكة ومحاصرة تعرضت لأكثر من مئتي هجوم مسلح، في ظل حصار خانق جعلها ساحة مستمرة للنزيف الإنساني والاجتماعي. وقالت إن سكان المدينة تحملوا عبء الجغرافيا والتاريخ، لكن ذلك لا يجب أن يتحول إلى وهم يجعل الناس يعتقدون أن الفاشر ستظل صامدة إلى الأبد بلا تدخل خارجي حقيقي.

وأضافت أن المدينة استنزفتها الاشتباكات، وأرهقها الحصار، وضربها سلاح الجوع في عمق نسيجها الاجتماعي والمعنوي، لتجد نفسها أمام تحدٍ مصيري لا يمكن تجاوزه بالمديح أو الاكتفاء بالغناء للبطولات.

تحذير من تكرار مأساة نيالا

التنسيقية نبهت إلى أن الاعتماد على صمود الفاشر دون تدخل فعلي يعيد إنتاج الأسطورة التي سبق أن سقطت في مدن أخرى مثل نيالا، مشددة على أن التاريخ لا يغفر التخاذل، ولا يعفي من مسؤولية الصمت أمام المأساة. وقالت بوضوح: “الصمود وحده إذا تُرك بلا سند سيتحول من بطولة إلى عبء يهدد حياة مئات الآلاف”.

دعوة عاجلة لفك الحصار بالقوة

ودعت لجان المقاومة المجتمع المحلي والإقليمي والدولي إلى التحرك الفوري لفك الحصار عن الفاشر بالقوة، مؤكدة أن لا مجاملة في البديهيات، وأن أي مدينة لا يمكن أن تنجو وحدها وسط حرب طاحنة. وأوضحت أن البطولة لا تصمد إذا تُركت بلا غطاء، وأن الوقت قد حان ليُسند صمود الفاشر بالفعل لا بالتصفيق من بعيد.

قصف عنيف ومعاناة إنسانية متزايدة

بالتوازي مع هذه التحذيرات، قال الصحفي معمر موسى إن مليشيا الدعم السريع واصلت يوم السبت قصفها المدفعي على الفاشر باستخدام مدافع الهاوتزر والهاون بشكل متواصل، مستهدفة مناطق متفرقة أبرزها معسكر أبوشوك للنازحين. وأوضح أن الطائرات المسيرة ظلت تحلق منذ ساعات الفجر، حيث هاجمت تجمعات المدنيين والمستشفيات بدلًا من استهداف المناطق العسكرية.

وأشار إلى أن سكان الفاشر يواجهون وضعًا كارثيًا، إذ يُستخدم التجويع كسلاح ضدهم وسط صمت دولي لافت، فيما تتهم منظمات الإغاثة الطرفين بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية، رغم إعلانها استعدادها للتدخل إذا حصلت على موافقة من المليشيا لإدخال الإمدادات.

المدينة في مفترق طرق

وبحسب مراقبين، فإن منشور لجان المقاومة يعكس حجم القلق من تحولات خطيرة قد تشهدها الفاشر في أي لحظة، خاصة في ظل استمرار القصف العشوائي، ونقص الغذاء والدواء، وغياب أي تدخل دولي فعال لإنقاذ المدينة المحاصرة منذ عامين.