أكد محللون ماليون أن الاكتتابات الحكومية، التي شهدها سوق دبي المالي منذ عام 2022، أسهمت في إحداث نقلة نوعية في هيكل السوق وجاذبيته الاستثمارية، لافتين إلى أن الأداء القوي لهذه الشركات بعد الإدراج، وتداولها جميعاً فوق سعر الطرح، يعكسان الثقة الكبيرة بالكيانات الحكومية، والسياسات الاقتصادية الداعمة من قبل حكومة دبي.
وأضافوا لـ«الإمارات اليوم» أن مستثمري سوق دبي المالي يترقبون طروحات حكومية جديدة لاستكمال مسيرة الصعود في أداء السوق، مشيرين إلى أن قطاعات مثل الخدمات اللوجستية والنقل الجوي، (خصوصاً وحدات الشحن، والتموين، والخدمات الأرضية)، إلى جانب الطاقة وخدمات الوقود، والبنية التحتية الحضرية مثل التحصيلات، والمواقف، والتبريد، وإدارة المياه والنفايات، من أبرز القطاعات المرشحة للطروحات المقبلة، فضلاً عن احتمالية دخول قطاعات السياحة والضيافة والعقار.
وأشاروا إلى أن هذه الإدراجات لم ترفع فقط من القيمة السوقية لمؤشر سوق دبي المالي الذي أنهى عام 2024 على ارتفاع بنسبة 27.1%، بل أسهمت أيضاً في استقطاب فئات جديدة من المستثمرين، لاسيما الأجانب الذين شكّلوا 85% من المستثمرين الجدد خلال العام ذاته، وهو ما يعزز مكانة دبي وجهة مالية عالمية.
وقالوا إن الطروحات الحكومية في دبي تفوقت في أداء ما بعد الإدراج، حيث كان الأداء العام لما بعد الإدراج إيجابياً، فيما أسهمت تلك الطروحات بشكل كبير في نمو مؤشر سوق دبي المالي بنسبة 41% حتى 28 أغسطس 2025.
ولفتوا إلى أن الإقبال غير المسبوق على الطروحات الحكومية يعود إلى نماذج أعمالها القوية والواضحة، إضافة إلى التدفقات النقدية الثابتة والدعم الحكومي، مشيرين إلى أن تغطيات الاكتتابات القياسية كما في طرح «باركن» بـ165 مرة، و«تاكسي دبي» بـ130 مرة، تُظهر شهية المستثمرين الذين تغيرت سلوكيات أغلبهم من «المضاربة» إلى «استثمار طويل الأجل»، بفضل هذه الاكتتابات.
نجاح عالمي
وتفصيلاً، أكد الرئيس التنفيذي لـ«شركة الإمارات دبي الوطني كابيتال»، هيتش أساربوتا، أن «دبي نجحت في ترسيخ مكانتها مركزاً عالمياً للطروحات الأولية»، مشيراً إلى أن بيئة الطروحات الحكومية في الإمارة تُعد من بين الأنجح عالمياً.
وقال لـ«الإمارات اليوم»: «شهدت دولة الإمارات منذ عام 2022 نحو 14 طرحاً عاماً أولياً، كان نصفها من قبل شركات تابعة لحكومة دبي، جمعت ما يقارب 10 مليارات دولار، فيما شهدت هذه الطروحات معدلات تغطية مرتفعة للغاية، وصلت في المتوسط إلى 70 مرة، وذلك من قبل مستثمرين محليين ودوليين».
وأفاد أساربوتا بأن «الطروحات الحكومية في دبي تفوقت في أداء ما بعد الإدراج، حيث أسهمت بشكل كبير في نمو مؤشر سوق دبي المالي بنسبة 41% حتى 28 أغسطس 2025، مقارنة بـ16% فقط، لكل من مؤشري (MSCI) للأسواق الناشئة، و(S&P 500)، ما يعكس قوة السوق وأداءه الاستثنائي».
ولفت إلى أن الإقبال غير المسبوق على الطروحات الحكومية يعود إلى نماذج أعمالها القوية والواضحة، إضافة إلى التدفقات النقدية الثابتة والدعم الحكومي، فضلاً عن عائدات التوزيعات المجزية التي راوحت بين 6.25% و6.5%، ومزايا هيكلية فريدة مثل الحقوق الحصرية للتشغيل في مواقع استراتيجية.
وأضاف أن «هذه الشركات تُعد جزءاً أساسياً من البنية التحتية الحيوية لإمارة دبي، وتتماشى مع أجندة الإمارة للنمو الاقتصادي والتوسع الحضري، ما جعلها جاذبة للمستثمرين على المدى الطويل».
وأكد أساربوتا أن «نجاح الطروحات الحكومية أسهم بشكل مباشر في نمو القيمة السوقية لسوق دبي المالي، وزيادة السيولة اليومية، الأمر الذي وضع دبي على خريطة الأسواق المالية العالمية، وجذب اهتمام كبريات المؤسسات العالمية، التي بادرت بفتح مكاتب لها في المنطقة لتعزيز حضورها واتخاذ قرارات استثمارية محلية».
ونوه بأن أداء طروحات مثل «سالك»، و«إمباور»، و«ديوا»، يثبت أن دبي قادرة على توفير طروحات ذات حجم وسيولة وعمق مؤسسي قوي، كما أن الإقبال على شركات مثل «باركن» و«تاكسي دبي» يعكس شهية المستثمرين الأفراد للشركات المرتبطة بحياتهم اليومية.
وقال: «السوق الإماراتي مؤهل لاستقطاب طروحات خاصة وأجنبية كبيرة، خصوصاً في ظل تطور الأنظمة التنظيمية التي أصبحت متماشية مع المعايير العالمية، إضافة إلى نضوج قاعدة المستثمرين الإقليميين وقدرتهم على تقييم نماذج الأعمال المبتكرة».
مزيج متوازن
من جانبه، قال الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة «Sky Links Capital»، دانيال تقي الدين: «شكّلت الطروحات الحكومية الستة الأخيرة في دبي المالي مزيجاً متوازناً بين الأصول الدفاعية المستقرة وتلك المدرّة للنقد، ما أسهم في تعميق السيولة، وتوسيع قاعدة المستثمرين، لا سيما من شريحة الأفراد، وتقليص الاعتماد على عدد محدود من الأسهم التقليدية».
وأشار تقي الدين إلى أن الأداء العام لما بعد الإدراج كان إيجابياً، مدعوماً بسياسات توزيعات واضحة، ونماذج إيراد قابلة للتنبؤ، ما عزز ثقة المتعاملين ورسّخ جاذبية سوق دبي وجهة استثمارية، متوقعاً أن تتجه المرحلة المقبلة نحو طروحات انتقائية وليست كثيفة، تركّز على جودة الأصل وتوقيت الإدراج.
ولفت إلى أن قطاعات مثل الخدمات اللوجستية والنقل الجوي، (خصوصاً وحدات الشحن، والتموين، والخدمات الأرضية)، إلى جانب الطاقة وخدمات الوقود، والبنية التحتية الحضرية مثل التحصيلات، والمواقف، والتبريد، وإدارة المياه والنفايات، تُعد من أبرز المرشحين للطروحات المقبلة.
كما أشار إلى احتمالية دخول قطاعات السياحة والضيافة والعقار، إذا كان ذلك يخدم هدف التنويع وتعزيز السيولة، مؤكداً أن السوق بحاجة فعلية لمثل هذه الإدراجات بشرط مراعاة التوقيت والتسعير.
وأكد تقي الدين أن الإدراجات الحكومية المدروسة تُسهم في الحفاظ على الزخم، وتوسيع نطاق الفرص الاستثمارية، واستقطاب تدفقات جديدة، إلى جانب تقليل تركز السيولة في عدد محدود من الأسهم.
ونوه بترقب مستثمري دبي المالي طروحات حكومية جديدة لاستكمال مسيرة الصعود وتعزيز أداء السوق، مشيراً إلى أن اتباع نهج تدريجي وانتقائي، مع توفير هامش عائد عادل بعد الإدراج، هما الخيار الأمثل لتحويل موجة التفاؤل الحالية إلى نمو هيكلي مستدام، وتعزيز مكانة دبي كسوق رائد وجاذب للاستثمار.
ثقة عالية
في السياق نفسه، قال كبير استراتيجيي السوق في «Tickmill» جوزيف ضاهرية، إن استدامة ارتفاع أسعار أسهم الشركات الحكومية بعد الإدراج تمر بمرحلتين أساسيتين؛ الأولى قصيرة الأجل، تكون مدفوعة بعوامل مثل الثقة العالية من المستثمرين، والسيولة الكبيرة في السوق، وشح المعروض من الأسهم، وهو ما يفسر القفزات السعرية القوية التي شهدتها بعض الطروحات، كما حدث مع شركة «باركن» التي تمت تغطية اكتتابها بمعدل 165 مرة.
وأضاف ضاهرية أن المرحلة الثانية تتعلق بالاستدامة طويلة الأجل، وترتبط كلياً بالأداء المالي الفعلي للشركة، وقدرتها على توليد تدفقات نقدية قوية، إلى جانب تبني سياسات توزيع أرباح واضحة وجاذبة، كما هي الحال في شركات مثل: «ديوا»، و«سالك» و«إمباور» التي تميزت بالتزامها بتوزيعات سخية ومنتظمة.
وأشار إلى أن النمو التشغيلي الحقيقي يمثل أحد أبرز العوامل الداعمة للقيمة السوقية المستدامة، مستشهداً بنمو أرباح «تاكسي دبي» التشغيلية بنسبة 19% بعد الإدراج، وأكد أن الزخم الذي تشهده هذه الاكتتابات يعكس ثقة المستثمرين في استقرار وربحية الكيانات السيادية، وهو ما أدى إلى إقبال كبير واندفاع واضح نحو الطروحات.
في المقابل، أوضح ضاهرية أن المؤسسات تتعامل مع هذه الطروحات من منظور مختلف، إذ تحوّل الاستقرار المالي والربحية إلى مراكز استثمار طويلة الأجل تسهم في تشكيل سيولة هيكلية في السوق الثانوية، مبيناً أن حصة المؤسسات من التداولات بلغت نحو 65% من إجمالي قيمة التداول في عام 2024، ما يعكس تفضيلها للأصول المستقرة والمدرّة للدخل المنتظم.
وقال: «على الرغم من أن دوافع المضاربة القصيرة لاتزال حاضرة، خصوصاً بين الأفراد، فإن البيانات تشير إلى تحوّل تدريجي نحو الاستثمار طويل الأجل، يتجلى في ارتفاع حصة المؤسسات من التداولات اليومية من 58% في عام 2023 إلى 65% في 2024، ما يدل على ثقة متنامية بهذه الأصول كخيار استثماري استراتيجي».
وبيّن ضاهرية أن الطروحات الحكومية تميل للتفوق بعد الإدراج مقارنة بالطروحات الخاصة، حيث حققت عائدات أعلى من المتوسط، مدعومة بحجمها الكبير وامتيازاتها التشغيلية وسياسات التوزيع المدروسة، إلا أن هذا التفوق ليس مطلقاً، إذ قدمت بعض الطروحات الخاصة أداءً جيداً، بينما بقيت أخرى قرب سعر الطرح.
وأضاف أن الطروحات الحكومية أسهمت بشكل جوهري في تعميق سوق دبي المالي، من خلال إدراج شركات كبرى ذات رؤوس أموال ضخمة تعمل في قطاعات حيوية مثل المرافق والنقل، ما عزّز القيمة السوقية الإجمالية ووفّر أدوات استثمارية جديدة وعالية الجودة جذبت اهتمام الصناديق الاستثمارية العالمية.
ولفت إلى أن هذه الطروحات أسهمت أيضاً في استقطاب شرائح جديدة من المستثمرين، حيث شهد سوق دبي المالي خلال عام 2024 دخول أكثر من 138 ألف مستثمر جديد، شكّل الأجانب نحو 85% منهم، مدعومين بسياسات حكومية داعمة مثل السماح بالتملك الأجنبي الكامل، ما عزز من مكانة دبي وجهة مالية عالمية.
وعلى صعيد المؤشرات، أشار ضاهرية إلى أن إدراجات الشركات الحكومية أسهمت في رفع القيمة السوقية، وزيادة أوزانها داخل مؤشر سوق دبي المالي، ما انعكس إيجابياً على أداء المؤشر العام الذي أنهى عام 2024 بارتفاع تجاوز 27%، مع استمرار الأداء القوي خلال العام الجاري.
بيئة جاذبة
إلى ذلك، قال رئيس قسم التداول في «الشارقة الإسلامي للخدمات المالية»، شادي بطاينة، إن الطروحات الحكومية الأخيرة في سوق دبي المالي استندت إلى مقومات قوية، تتمثل في الأداء الإيجابي للشركات من حيث الربحية ونمو الأرباح، إلى جانب خطط التوسع المستمرة، وهو ما انعكس بشكل مباشر على الإيرادات والتوزيعات النقدية المجزية، لافتاً إلى أن هذه العناصر مجتمعة شكّلت بيئة استثمارية جاذبة تحقق عائدات متنامية للمساهمين.
وأشار بطاينة إلى أن جميع الشركات الحكومية التي تم طرحها أخيراً أظهرت التزاماً واضحاً باستراتيجية التوسّع، وتحقيق الأرباح من الأنشطة التشغيلية الأساسية، ما انعكس بدوره على تحسن الإيرادات، وارتفاع التوزيعات النقدية، وهو ما يدعم ثقة المستثمرين ويدفعهم نحو الاحتفاظ بالأسهم.
وأضاف أن هذه الشركات حققت ارتفاعات جيدة في قيم الأسهم والعائدات للمستثمرين، لافتاً إلى ملاحظة تغيّر ملحوظ في سلوك المستثمرين الأفراد، الذين تحوّلوا من «المضاربة قصيرة الأجل» إلى «الاحتفاظ الاستثماري طويل المدى»، مدفوعين بما تحققه هذه الأسهم من نمو سعري وعائدات رأسمالية إلى جانب توزيعات نقدية مجدية.
وأكد بطاينة أن الشركات الحكومية تتفوق بوضوح على بعض الشركات الأخرى المدرجة، خصوصاً من حيث الأداء والاستقرار، في وقت واجهت فيه بعض الشركات الأخرى تراجعاً في الأداء نتيجة تسعير مبالغ فيه عند الطرح، أو ضعف التوزيعات مقارنة بتوقعات المستثمرين.
ولفت إلى أن ثبات الشركات الحكومية واستقرارها وتوزيعاتها السخية، منحها ميزة تنافسية كبيرة، أسهمت في استقطاب شرائح جديدة من المستثمرين، سواء من المؤسسات أو الأفراد، مشيراً إلى أن عمليات طرح مثل «سالك» و«باركن» شهدت حملات ترويجية فعالة أسهمت في جذب صناديق استثمارية وجهات مؤهلة محلياً ودولياً.
وشدد بطاينة على أن تنوّع الإدراجات الحكومية في قطاعات حيوية وجديدة شكّل عاملاً مهماً في تنويع المحافظ الاستثمارية وخلق فرص استثمارية جديدة، معتبراً أن هذه الإدراجات أصبحت نقاط جذب رئيسة للمستثمرين بمختلف فئاتهم، وأسهمت في تحفيز بيئة السوق نحو الاستثمار المستقر والمستدام.
10 شركات حكومية وشبه حكومية
أعلن سموّ الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الأول لحاكم دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية، في نوفمبر 2021، عن إدراج 10 شركات حكومية وشبه حكومية في سوق دبي المالي، في خطوة من شأنها دعم القطاع المالي في الإمارة بشكل غير مسبوق، وتحفيز وتيرة النمو فيه لتحقيق المزيد من الإنجازات والنجاحات التي ترسّخ مكانة دبي الرائدة كواحدة من أهم أسواق المال والأعمال في العالم.
يأتي ذلك ضمن رؤية جديدة لتطوير أسواق المال في دبي، والهادفة إلى مضاعفة قيمة الأسواق المالية في الإمارة إلى ثلاثة تريليونات درهم خلال المرحلة المقبلة.
• 138 ألف مستثمر جديد دخلوا سوق دبي المالي خلال عام 2024.
نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: الطروحات الحكومية في دبي.. أداء قوي بعد الإدراج وتداول «فوق سعر الطرح» - تليجراف الخليج اليوم الاثنين 15 سبتمبر 2025 12:00 صباحاً
0 تعليق