متابعات- تليجراف الخليج

كشف مدير الموساد الإسرائيلي السابق يوسي كوهين، في كتابه الجديد (سيف الحرية: إسرائيل والموساد والحرب السرية)، تفاصيل مثيرة تتعلق بكواليس توقيع السودان على اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل.

وأوضح كوهين أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب استغل يأس القيادة السودانية آنذاك، عبر إغرائهم بوعود شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وأنهم كانوا متحمسين لتوقيع اتفاق مشروط بإبرام معاهدة سلام مع إسرائيل.

انقلاب 2021 قلب الطاولة

بحسب رواية كوهين، فإن القيادة السودانية أقدمت على هذه الخطوة رغم شعورها بالارتباك والقلق، غير أن ذلك لم يحقق لهم الفائدة المرجوة، وبعد نهاية الحقبة انتهت عمليًا مرحلة منفتحة على الغرب كانت الخرطوم تسعى عبرها للعودة إلى المجتمع الدولي.

لقاء عنتيبي 2020.. بداية الطريق

ويعود ملف التطبيع بين السودان وإسرائيل إلى فبراير 2020، حين التقى رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في عنتيبي بيوغندا. وأعلن مكتب نتنياهو في بيان رسمي حينها أن اللقاء تناول فتح حوار بشأن تطبيع العلاقات بين البلدين.

توقيع اتفاقيات أبراهام 2021

في السادس من يناير 2021، أعلن إعلام مجلس الوزراء السوداني توقيع إعلان “اتفاقيات أبراهام”، حيث مثل السودان وزير العدل آنذاك د. نصر الدين عبد الباري، فيما وقع عن الجانب الأمريكي وزير الخزانة ستيفن منوشين، خلال مراسم رسمية بمقر السفارة الأمريكية في الخرطوم.

نصوص الإعلان ومضامينه

بحسب البيان الرسمي، ركز الإعلان على ترسيخ معاني التسامح والحوار والتعايش بين مختلف الشعوب والأديان في الشرق الأوسط والعالم. كما شدد على أن أفضل الطرق للوصول إلى سلام مستدام تكمن في التعاون المشترك والحوار بين الدول من أجل تطوير جودة المعيشة، وأن ينعم مواطنو المنطقة بحياة يسودها الأمل والكرامة بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز الديني أو العرقي.

دلالات سياسية واستراتيجية

تكشف إفادة كوهين أن التطبيع مع السودان لم يكن نتاج قناعة داخلية متكاملة بقدر ما كان نتيجة ضغوط سياسية واقتصادية، استغلتها إدارة ترامب في سياق الانتخابات الأمريكية ورغبتها في تعزيز رصيدها الدبلوماسي عبر توسيع دائرة “اتفاقيات أبراهام”.

السودان بين الضغوط الداخلية والخارجية

وبينما كان جزء من النخبة السياسية السودانية يطمح إلى كسر عزلة الخرطوم الخارجية، اصطدم هذا المسار بالرفض الشعبي والسياسي الداخلي، فضلًا عن تعقيدات المرحلة الانتقالية التي انتهت 2021، مما جعل ملف التطبيع في حالة جمود منذ ذلك الحين.

التطبيع المؤجل ومصير الاتفاقيات

رغم توقيع السودان على الإعلان، إلا أن الخطوات العملية باتجاه إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل لم تتحقق على الأرض، في ظل الاضطرابات السياسية التي عصفت بالبلاد لاحقًا، وبقاء الانقسام الداخلي بشأن جدوى التطبيع.