نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: حين يكتمل الطغيان… يبدأ العدّ العكسي للزوال - تليجراف الخليج اليوم السبت الموافق 20 سبتمبر 2025 07:15 مساءً
ألا ما أعجب سُنن الله في خلقه! ما من جبّارٍ رفع رأسه تكبّراً، إلا وتهيّأت له الأرضُ لتكون لحدَه، والسماءُ لتشهدَ هلاكَه، والتاريخُ ليكتبَ عبرتَه. وهل رأيتَ باطلاً بقي إذا انتفخ حتى ظنّ أنه لا يُقهر؟ هيهات! فما إن يبلغُ الطغيانُ ذروته، حتى يتهيّأ القدرُ لصفعته، ويُؤذَنَ للسماء أن ترسل صواعقها، وللأرض أن تنشقَّ عن بلائها، وللأيام أن تلدَ فجرها الجديد.
إن للباطل ساعةً من نشوةٍ تُسكره، فيحسبُ أنه مخلّد، وهي والله ساعة موته. إنّه يمشي إلى قبره متبختراً، يرقص على جثث المساكين وهو لا يدري أن كل قطرة دمٍ تراقُ، هي شاهد عدلٍ يُدوّن عليه في كتابٍ لا يغادر صغيرةً ولا كبيرة.
أما الحق… فله سُنّةٌ عجيبة: لا يُؤتَى من ضعفه، وإنما يُنصر من صبره. تراه محاصراً، محارباً، مجروحاً، ضائقَ الصدر حتى تكاد أنفاسه تُزهق، فإذا بالسماء تُفْرِغُ مدادَ نصرها، وإذا بالغيبِ يمدّه بمددٍ لم يحتسب. إنما هي لحظةٌ فاصلة بين دمعةٍ جارية وابتسامةٍ باهرة، بين ظلامٍ حالكٍ وفجرٍ مباغتٍ يطلّ بلا استئذان.
ويا للعجب! كم من طاغيةٍ حسب أن الأرضَ داره، وأن الشمسَ خادمةٌ له، وأن الجماهير عبيدٌ بين يديه، فإذا به يخرّ كخيطٍ مقطوعٍ، لا تلتفتُ له الأيام إلا لتبصقَ على ذكراه. أين الذين قالوا: من أشدّ منّا قوّة؟ أين الذين ملأوا الأرضَ فتكاً وبطشاً؟ أين الذين عاثوا في القرى فساداً، وقالوا لن تُغلبوا اليوم من قِلّة؟! لقد صاروا خبراً على الألسن، وأثراً بعد عين، وأصبح صراخهم رجعاً بعيداً في وادي النسيان.
لا تحسبنّ الله غافلاً عمّا يعمل الظالمون. إنما يؤخّرهم ليومٍ تشخصُ فيه الأبصار، وترتعدُ فيه المفاصل، وتنطقُ فيه الأرض بما حملت من دماء الأبرياء وأشلاء المظلومين. هنالك يندكّ عرش الباطل، ويُعلَن فجر الحق، وتُسدل الستائر عن مسرحٍ ما عرف التاريخ مثله إلا ليكرّره بأسماءٍ جديدة، ووجوهٍ متكرّرة.
ألا فابشر! إننا على أبواب تبدّلٍ عظيم، وساعةٍ فاصلة، كأنّها قاب قوسين أو أدنى. ستنهض الأرضُ كمن استفاق من سباتٍ طويل، وستُزهر الدماءُ التي حسبها الطغاةُ ضائعة، فإذا بها وقودُ النصر، وزادُ الفجر، وعرسُ الحرية.
غداً ترى: ترى المظلوم يرفع رأسه لا يخشى إلا الله، وترى الظالم يبحث عن مأوى فلا يجد غير قبرٍ يضيق به. غداً ترى الأرض وقد اغتسلت من رجس الطغيان، وغداً ترى البشائر تملأ الأفق، وتسمع أنين الطغاة وقد صار نشيدَ زوالهم.
فانتظر ، فإن الانتظار هنا ليس يأساً، وإنما هو وعدٌ من السماء: إذا اكتملَ الطغيانُ… ابتدأ العدّ العكسي للزوال.
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق