رصدت «الإمارات اليوم» رسائل استدراج على منصات التواصل الاجتماعي، تحمل عبارات مثل «إلي يبي طريقة فتح الشات يراسلني على الخاص»، في محاولات لفك حظر الدردشة المفروضة على لعبة «روبلوكس»، وفتح قنوات بديلة غير آمنة للتواصل مع القُصّر.
وأكد خبراء وتقنيون وقانونيون أن قرار تعطيل الدردشة، الذي اتخذته الجهات المختصة، بالتعاون مع الشركة المشغلة للمنصة، يعد خطوة وقائية مهمة لحماية الأطفال، لكنه لا يقضي على الخطر كلياً، إذ يسعى المبتزون إلى استغلال فضول الصغار، وتعليمهم طرق التحايل للانتقال إلى محادثات خارج بيئة اللعبة.
ولفتوا إلى فتح فصل جديد من «المعركة الرقمية»، بين أنظمة الحماية الرسمية وبين أساليب المبتزين، الذين لا يتوقفون عن ابتكار طرق للتحايل والوصول إلى عقول الأطفال والمراهقين.
وأكدوا أن الألعاب الإلكترونية لم تعد مجرد وسيلة ترفيه، بل تحولت إلى منصات اجتماعية مفتوحة على العالم، ما يزيد احتمالات تعرض الأطفال للتحرش أو الاستغلال الإلكتروني أو استقبال روابط غير مناسبة، مشيرين إلى أن المراهقين غالباً ما يلجؤون إلى وسائل بديلة، مثل خوادم الشبكات الافتراضية الخاصة (في بي إن)، أو إنشاء حسابات في دول أخرى، أو استخدام أدوات محادثة في الألعاب الفرعية وربطها بتطبيقات خارجية، ما يجعل الرقابة الأسرية والتوعية المستمرة خط الدفاع الأول قبل أي إجراء تقني.
وأصدرت محكمة أبوظبي الجزائية، أخيراً، أحكاماً بحق ثمانية متهمين في قضايا استغلال جنسي للأطفال عبر الإنترنت، بعد استدراجهم من خلال منصات الألعاب الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، وإغوائهم لإرسال مواد غير لائقة، وراوحت العقوبات بين السجن ثلاث و15 سنة، وغرامات وصلت إلى مليون درهم، مع مصادرة الأجهزة المستخدمة وإغلاق الحسابات المرتبطة بالجرائم، وحرمان المحكومين من استخدام أي شبكة معلوماتية مستقبلاً، إضافة إلى إبعاد ثلاثة مدانين عقب تنفيذ العقوبة.
وجاءت الأحكام بعد تحقيقات موسعة أثبتت حيازة وتداول المتهمين محتويات إباحية خاصة بالقصّر، فيما حذرت الجهات المعنية في الدولة من خطورة التواصل مع مجهولين أو مشاركة البيانات والصور الشخصية عبر الإنترنت، داعية أولياء الأمور إلى متابعة أبنائهم وتوعيتهم بمخاطر الاستدراج الإلكتروني.
التوعية الرقمية
وتفصيلاً، قال المحاضر في كليات التقنية العليا عالم البيانات، المهندس محمد الشحي: «الفكرة الجوهرية من إغلاق (الشات) هي سلامة الأطفال والمراهقين»، مضيفاً أن «مسؤولية المنصات الرقمية تتطلب تطوير أنظمة فلترة فعالة باللغة العربية، وتحديث قواعدها دورياً، وتنفيذ آليات تحقق عمري صارمة، تحد من محاولات التحايل، إلى جانب نشر تقارير دورية وشفافة تكشف حجم البلاغات والإجراءات المتخذة».
وشدد على أهمية اعتماد مبدأ التصميم الآمن افتراضياً، بما يقلل من الحوافز الاستدراجية داخل العوالم الافتراضية، ويتيح للأهالي والأطفال أدوات إبلاغ سهلة وسريعة، مؤكداًَ أن المعادلة المطلوبة واضحة «متعة اللعب، ولكن في إطار يضمن سلامة أطفالنا»، لافتاً إلى أن قرار تعطيل الدردشة وضع «فرامل الأمان»، لكن على الأسر والمدارس والمنصات سد الثغرات التي لا يغلقها هذا الإجراء وحده.
وبين الشحي أن أبرز المخاطر يتمثل في العوالم المضللة، حيث تنتشر عناوين من نوع «هدايا مجانية» أو «روبوكس مجاني» لاستدراج الأطفال إلى محتوى غير ملائم، إضافة إلى التواصل غير النصي في لعبة روبلوكس ذاتها عبر «لافتات ورموز» وتعليمات قد تستخدم لإيصال رسائل معينة.
كما تتمثل المخاطر في النقل إلى الخارج من خلال رسائل تدعو الأطفال إلى مواقع أو مجموعات خارج المنصة.
ودعا الأسر والمدارس وصنّاع المحتوى إلى تعزيز جهود التوعية الرقمية للأطفال، وتفعيل إعدادات الرقابة الأبوية بشكل مستمر، والتدقيق في أي دعوات تدفعهم للانتقال إلى منصات أو محادثات خارجية.
فضول تقني
وبدوره، أكد أخصائي الأمن السيبراني المعتمد، جاسم خادم، أن منع التواصل داخل لعبة «روبلوكس» في الدولة خطوة وقائية استباقية تعكس مسؤولية جماعية لحماية الأبناء، موضحاً أن الألعاب لم تعد تقتصر على الترفيه، بل تحولت إلى منصات اجتماعية مفتوحة على العالم، ما يرفع احتمالات تعرض الأطفال للتحرش أو الاستغلال الإلكتروني، واستقبال روابط أو محتويات غير مناسبة، أو حتى استدراجهم إلى سلوك غير آمن.
وذكر أن المراهقين غالباً ما يمتلكون فضولاً تقنياً يدفعهم إلى البحث عن طرق بديلة، مثل استخدام خوادم الشبكات الافتراضية الخاصة (في بي إن) لتجاوز القيود الجغرافية، أو إنشاء حسابات بديلة في دول أخرى، أو استغلال أدوات المحادثة في الألعاب الفرعية وربطها بتطبيقات خارجية، ما يؤكد أن الرقابة الأسرية تبقى المحور الأساسي للحماية.
ودعا خادم أولياء الأمور إلى متابعة سلوكيات أبنائهم داخل اللعبة بشكل مباشر، وتوعيتهم بمخاطر التواصل غير الآمن بلغة تناسب أعمارهم، وتفعيل أدوات الرقابة الأبوية على الأجهزة والمنصات، وعدم الاكتفاء بقرارات المنع، إضافة إلى رصد أي محاولات تقنية للتحايل، مثل تثبيت برامج الشبكات الافتراضية الخاصة (في بي إن) أو إنشاء حسابات خارجية.
وأكد أن منع التواصل داخل «روبلوكس» خطوة مهمة، لكن الوقاية الحقيقية تتحقق عبر شراكة تكاملية بين الجهات المختصة والأسرة والمدرسة، لغرس قيم الوعي الرقمي في الأطفال وتحضيرهم لمواجهة المخاطر بالمعرفة قبل التقنية.
قنوات بديلة
وأكدت المستشارة القانونية المحامية، أميرة الصريدي، أن قرار غلق الدردشة في لعبة «روبلوكس» يهدف إلى حماية الأطفال من أي تواصل غير آمن أو محتوى قد يعرضهم لمخاطر الابتزاز والاستغلال الإلكتروني، موضحة أن هذا التوجه ينسجم مع الجهود الدولية لتأمين فضاء رقمي أكثر أماناً للقصر، ويعكس أن حماية الطفولة تبدأ من تصميم بيئات اللعب الإلكترونية على نحو مسؤول.
وحذرت من رسائل استدراج رصدت عبر منصات التواصل الاجتماعي، تدعو الأطفال إلى إعادة تفعيل نظام الدردشة بطرق غير مشروعة باستخدام برامج متنوعة، واصفة هذه الرسائل بأنها محاولات خطرة لفتح قنوات بديلة وغير آمنة للتواصل مع القصر، بما يشكل خرقاً للضوابط الوقائية وانتهاكاً مباشراً لحق الطفولة في الحماية، مشيرة إلى أن قانون حقوق الطفل (وديمة) يحظر استغلال الأطفال بأي وسيلة قد تهدد سلامتهم الجسدية أو النفسية، بما في ذلك عبر الإنترنت.
وأضافت أن تجاوز هذا الحظر يفتح الباب أمام ما وصفته بـ«الوحش الصامت» الذي يتسلل إلى عقول الأطفال من دون علم أسرهم، ويقودهم إلى عوالم مظلمة من الانحراف والإدمان والاستغلال، فضلاً عن صور غير مقبولة من الابتزاز والتحرش الإلكتروني، منوهة بأن الخطر لا يقتصر على «روبلوكس» وحدها، بل يمتد إلى ألعاب أخرى تتيح تفعيل الدردشة الكتابية أو الصوتية، وهو ما يجعل الظاهرة عابرة للمنصات، ويستدعي التعامل معها كقضية مجتمعية شاملة.
وبينت الصريدي أن الوالدين يتحملان المسؤولية الجوهرية باعتبارهما الركيزة الأساسية لحماية أبنائهما، حيث يلزمهما قانون حقوق الطفل برعاية القصّر وتوفير الحماية لهم من المخاطر كافة، بما في ذلك الأخطار الرقمية، من خلال الرقابة المستمرة والتوعية المباشرة، وتعزيز ثقافة الاستخدام الآمن للتكنولوجيا داخل الأسرة.
وأشارت إلى أن بعض أولياء الأمور، ممن تعرض أبناؤهم لحالات ابتزاز إلكتروني، يترددون في التبليغ، خشية الوصمة الاجتماعية أو حفاظاً على السمعة، إلا أن الدولة وفرت ضمانات كاملة لسرية البلاغات والمحاكمات الخاصة بالقصّر، إلى جانب قنوات رسمية تلتزم عدم الإفصاح عن أي بيانات تخص الطفل أو أسرته.
وترى الصريدي أن التردد في الإبلاغ يتيح المجال للمستغلين لمواصلة جرائمهم، واستدراج ضحايا جدد، بينما يضمن اللجوء السريع للجهات المختصة وقف الانتهاك ومساءلة الجناة وحماية الأطفال الآخرين من التعرض للخطر ذاته.
«معركة لا تنتهي»
وشددت الأخصائية الاجتماعية رئيسة قسم الأنشطة في جمعية توعية ورعاية الأحداث، عائشة الكندي، على أن مواجهة المُبتزين في عالم الألعاب الرقمية ومنصات التواصل «معركة لا تنتهي»، موضحة أن ضعاف النفوس لا يتوقفون عن ابتكار أساليب جديدة للتحايل على القوانين والضوابط، والولوج إلى عقول الأطفال والمراهقين.
وقالت إن المُبتز يبحث عن أي كلمة أو رابط أو لعبة لينفذ من خلالها إلى ضحاياه، فيما يدفع الفضول والرغبة في التجربة بعض القُصّر إلى الاستجابة لهذه الإغراءات، خصوصاً في ظل غياب الاهتمام الأسري والوعي الوقائي.
وأضافت أن «الأسرة هي خط الدفاع الأول، فمهما بلغت قوة التقنيات أو برامج الحماية تظل غير قادرة على حماية أبنائها إن غاب الحوار والاحتواء».
وحذرت من البحث عن منافذ بديلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يرشد المبتزون الأطفال إلى طرق إعادة فتح الخاصية أو يدعونهم للتواصل «على الخاص».
نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: رسائل تستدرج الأطفال لتجاوز حظر دردشة «روبلوكس» - تليجراف الخليج اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025 12:39 صباحاً
0 تعليق