نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: جندي يخدم شمالي قطاع غزة: “تعبت من قتل الأطفال.. وقادتي يريدون المزيد” #عاجل - تليجراف الخليج اليوم الاثنين الموافق 15 سبتمبر 2025 08:24 مساءً
ترجمة - هآرتس *
عدد من الجنود يتنقلون بين البيوت، والأكثر دقة بين المباني المدمرة التي استخدمت ذات يوم للسكن، جدران بقيت على حالها، بقايا حياة. هذه قوة من لواء الناحل في مهمة تمشيط، ستأتي الجرافة على الفور وتهدم المزيد. سيحيط بها الجنود ويحمونها، وسيحاولون عدم النوم. على الأغلب لا يحدث شيء ولا أحد يقترب. "لم أتخيل في ذات يوم بأنني سأفعل ذلك أثناء الخدمة. التحول إلى حارس لمعدات هندسية”، قال يوني، وهو أحد الجنود.
لكن في اليوم نفسه حدث شيء في بيت لاهيا، كما قال يوني (اسم مستعار مثل كل الأسماء الأخرى في المقال). "مخربون، مخربون”، صرخ أحد الجنود. صعدتُ مباشرة على الرشاش وبدأت أطلق النار. أطلقت مئات الرصاصات. بعد ذلك انقضضنا إلى الأمام، وعرفت عندها بأن تحذير خاطئ. لم يكن هناك أي مخرب. شاهدت جثتين لطفلين، ربما في سن 8 أو 10 سنوات، لا أعرف، يتذكر يوني. كل شيء كان مغطى بالدماء وعلامات على إطلاق النار. عرفت أن كل شيء كان بسببي، أنا الذي فعلت ذلك. رغبت في التقيؤ. بعد بضع دقائق، وصل قائد السرية وقال ببرود، وكأنه ليس إنساناً: لقد دخلوا إلى منطقة تدمير، هذا ذنبهم، هكذا هو الأمر في الحرب.
كان هذا في نهاية أيار الماضي، لكن المشهد لم يتقادم، وما حدث في أعقابه أيضاً. قال يوني لقادته بأنه يريد رؤية ضابط الأمن، ولم يكشف لماذا. حدثته عن كل شيء، وهو شرح لي بوجود أمر يسمى "إصابة أخلاقية”. وقال إنه وضع تعمل فيه ضد قيمك، وعندها تصل إلى نوع من التناقض بين القيم التي تؤمن بها، وسلوكك. في نهاية اللقاء، أوصى ضابط الأمن بأن لا يعود يوني إلى القتال، وتم نقله إلى وظيفة مساند للقتال. "أعاني من ذكريات الماضي التي تعود إلي، ولا أعرف إذا كنت سأنساها ذات يوم”.
"هآرتس” تحدثت مع عدد من الجنود في الخدمة النظامية الذين أدركوا في الأشهر الأخيرة بأنه لا يمكنهم مواصلة الخدمة في وظيفة قتالية. بعضهم فسر ذلك بالتآكل في حالتهم النفسية. ولكن كان هناك آخرون، قلائل نسبياً، برروا هذا القرار بـ "إصابة أخلاقية”، التي جرحت روحهم. الشهادات التي وصلت "هآرتس” في الأشهر الأخيرة من كل هؤلاء الجنود، توضح بأن الأمر لا يتعلق بالشذوذ أو استثناء إحصائي. إضافة إلى ذلك، حسب تقدير مصادر في قسم القوة البشرية، فإنه منذ بداية الحرب أوقفت خدمة آلاف الجنود النظاميين؛ وكان هناك من تسرحوا من الجيش كلياً بسبب حالتهم النفسية، وآخرون نقلوا إلى وظائف مساندة للقتال أو وظائف في الجبهة الداخلية. ضباط تحدثوا مع الصحيفة قالوا إن الأمر يتعلق بتقدير أقل من الواقع، وأن العدد الفعلي أعلى بكثير.
التقديرات، إضافة إلى القصص، ترسم صورة مختلفة كلياً عما ينشره المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، التي تقال بلسانهم صبح مساء. "كان لدينا عشرات الجنود الذين أرادوا الانسحاب من القتال”، اعترف ضابط في قيادة أحد ألوية المشاة. "هذه ظاهرة كانت موجودة دائماً، لكنها لم تكن بهذه الأرقام. هذا أمر خرج عن السيطرة. الجنود متعبون ولا يستطيعون المواصلة”. حتى في الألوية النظامية القتالية الأخرى، يتحدثون عن وضع مشابه. "لا يوجد يوم إلا وأسمع فيه عن جندي يتوسل كي يسمحوا له بالانتقال من وظيفته”، قالت ضابطة في كتيبة مدرعات.
بالنسبة لبني، قناص في لواء الناحل، تغيير الوظيفة لا يكفي. الجرح الذي يصفه كبير جداً. لقد اخترق عميقاً. "بدأ هذا قبل شهرين تقريباً”، قال. "كل يوم في نفس المهمة، تأمين حماية المساعدات الإنسانية في شمال القطاع”. يبدأ يومه هو وزملاؤه في الساعة 3:30 فجراً، ترافقهم المسيرات والقوات المدرعة، وهكذا يقيمون موقعاً للقناصة وينتظرون. حسب قوله، بين الساعة السابعة والنصف والثامنة والنصف صباحاً، تأتي الشاحنات وتبدأ بإنزال الحمولة. في هذه الأثناء، يحاول السكان التقدم لأخذ مكان جيد في الطابور، لكن أمامهم حدوداً لا يلاحظونها. "خط إذا اجتازوه يمكنني إطلاق النار عليهم”، قال بني. "هذا مثل لعبة القط والفأر؛ يحاولون المجيء كل مرة من طريق مختلفة، وأنا موجود هناك مع بندقية القنص والضباط يصرخون علي: اقتله، اقتله. أطلق 50 – 60 رصاصة في اليوم، توقفت عن العد. لا فكرة لدي عن عدد الذين قتلتهم، كثيرين، أطفال”.
حسب قوله، لم يرغب في إطلاق النار في مرات كثيرة، لكنه شعر بأنه لا خيار أمامه. هم أجبروني، هددوني. قائد الكتيبة كان يصرخ في جهاز الاتصال: لماذا لا تقتلون. هم يتقدمون نحونا وهذا خطير. وقد وصف مثالاً من الضغوط. "الشعور أنهم يضعوننا في وضع غير محتمل، ولا أحد أعدّنا لذلك. لا يهم الضباط أن يموت الأطفال، ولا يهمهم أيضاً ماذا يفعل ذلك بنفسيتنا. بالنسبة لهم، أنا مجرد أداة”.
الآن، يحاول أن يتسرح من الجيش، ويقول: "لا يمكنني البقاء هناك ولا حتى دقيقة واحدة. لقد فعلت ذلك لأنني اعتقدت أنني أدافع عن أصدقائي وعائلتي، لكن هذا خطأ، لا أصدق الضباط أو الحكومة. أريد تسريحي من الجيش والبدء في حياتي. لا أعرف إذا كنت سأنجح في ذلك أو إذا كان هذا ممكناً أصلاً”.
* توم لفنسون
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق