نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: حميدتي يتسلم رئاسة الحكومة الموازية في دارفور.. لعبة “تأسيس” و”صمود” السياسية - تليجراف الخليج اليوم الخميس 4 سبتمبر 2025 11:15 صباحاً
متابعات – تليجراف الخليج
شهدت الساحة السودانية تطورات متسارعة في الأيام الأخيرة، عقب إعلان تشكيل حكومة انتقالية موازية بقيادة قائد “قوات الدعم السريع” محمد حمدان دقلو “حميدتي”، واتخاذ مدينة نيالا، كبرى مدن إقليم دارفور، مقراً لها. وقد اعتُبر هذا الإعلان تحولاً كبيراً في مسار الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.
مساء السبت الماضي، تسلّم حميدتي رسمياً رئاسة المجلس الرئاسي الذي يُعد المرجعية السياسية العليا لـ”حكومة تأسيس”، حيث أدى أعضاء المجلس الـ15 اليمين الدستورية أمامه، ومن أبرزهم عبد العزيز آدم الحلو، رئيس “الحركة الشعبية لتحرير السودان” ونائب رئيس المجلس، إلى جانب الطاهر أبو بكر حجر، والهادي إدريس، وجقود مكوار مرادة، وفارس النور، وحمد محمد حامد.
وفي أول اجتماع للمجلس مساء الأحد برئاسة حميدتي، تم اعتماد تعيين محمد حسن التعايشي رئيساً لمجلس الوزراء، كما أُقرت هيكلة المجلس والخطط الاستراتيجية لتحالف “تأسيس” للمرحلة المقبلة.
“تأسيس” و “صمود”
في نفس السياق، برز على الساحة السياسية تحالف السودان التأسيسي ككيان جديد تشكل من الرحم المتشقق لـ حلف تقدم السوداني، الذي انقسم على نفسه تحت وطأة الخلافات العميقة وتضارب المصالح. فمن حطام ذلك التحالف السابق، انبثق كيانان رئيسيان هما “صمود” و”تحالف السودان التأسيسي”. وعلى الرغم من الظهور وكأنهما قوتان منفصلتان، فإن التحليل الدقيق للخلفيات والتوجهات والأهداف يكشف أن “صمود” و”تحالف السودان التأسيسي” ما هما في الحقيقة إلا وجهان لعملة واحدة، يجسدان تحالفاً مصلحياً لأطراف وقوى تتبنى رؤية متقاربة وتعمل ضمن إطار استراتيجية موحدة، وإن اختلفت المسميات والواجهات الظاهرة للجمهور. هذا التشظي الظاهري يخفي تحته تحالفاً عضوياً أعمق، يجمع بين هذه الأطراف تحت مظلة هدف استراتيجي مشترك يتمثل في الهيمنة على المشهد السياسي وتشكيل مرحلة ما بعد الحرب وفقاً لرؤيتها.
يعمل “تحالف السودان التأسيسي” و”صمود” ضمن رؤية استراتيجية موحدة تهدف إلى إعادة هيكلة الدولة السودانية وفق نموذج جديد يقوم على اللامركزية والعلمانية، كما ينص دستور التحالف الذي أُقر في نيروبي. وقد صرح علاء الدين نقد، المتحدث الرسمي للتحالف، بأن الهدف هو “بناء سودان جديد قائم على قيم الحرية والعدالة والمساواة”. ومن ناحية أخرى، فإن “صمود” يمثل القوى المدنية التي تتبنى خطاباً مشابهاً يدعو إلى دولة مدنية تقوم على احترام المواطنة والعدالة، وفقاً لتصريحات جعفر حسن، المتحدث الرسمي لتحالف “صمود”.
يظهر التداخل بين التحالفين في القيادات والأدوار، حيث يضم “تحالف السودان التأسيسي” شخصيات كانت نشطة في “حلف تقدم” السابق، مثل علاء الدين نقد، الذي كان متحدثاً باسم “تقدم” وأصبح المتحدث الرسمي لـ”تأسيس”. كما أن الاستراتيجية العامة لكلا الكيانين تهدف إلى مواجهة النفوذ التقليدي للجيش والإسلاميين، وفقاً لتحليلات سياسية.
كلا التحالفين يتبنى خطاباً يدعي الدفاع عن حقوق المهمشين في إقليمي دارفور وكردفان، ويتهم الحكومة المركزية في بورتسودان بممارسة التمييز والإقصاء. وقد أشار خالد كودي، الأستاذ في الجامعات الأمريكية، إلى أن سياسات الحكومة المركزية مثل قانون “الوجوه الغريبة” وحرمان الكثيرين من استخراج الأوراق الثبوتية قد عمقت الشرخ الإثني-الجهوي. هذا الخطاب المشترك يعكس توافقاً في الرؤى والأهداف بين “تأسيس” و”صمود”.
تحليل
هناك مخاوف من أن يؤدي استمرار هذا التحالف إلى تعقيد المشهد السياسي وزيادة الانقسام، بل وقد يدفع نحو انفصال أجزاء من السودان، كما حدث مع جنوب السودان في عام 2011. وقد حذر الكاتب والمحلل السياسي عثمان ميرغني من أن تشكيل حكومة موازية قد يؤدي إلى انفصال سياسي وربما نشوء دولة جديدة
ومن جهته، صرّح المحلل السياسي، جاه النبي محمد، بأن انقسام “تقدم” إلى “تأسيس” و”صمود” هو في جوهره استراتيجية متعمدة لخلق “خطة أ” و”خطة ب”. وأوضح أن “تحالف السودان التأسيسي” مُقدِم على تعاون علني مع قوات الدعم السريع صاحبة السمعة الدولية السيئة، وذلك في محاولة لرفع التهمة التي تلاحق “تقدم” بأنها مجرد واجهة سياسية موحدة للدعم السريع. وفي المقابل، فإن “صمود” تقدم نفسها كطرف “محايد” ومدني يزعم العمل لوقف الحرب، مما يمنح التحالف المزدوج مرونة وقدرة على المناورة في المحافل المختلفة.
وكشف التحليل أن الوزير السابق ورئيس الحكومة الانتقالية السابق، عبد الله حمدوك، هو المحرك الخفي لكلا الكيانين وينفذ من خلالهما أجندات دولية غربية وإماراتية. وتهدف هذه الأجندات في النهاية إلى إعادته إلى السلطة تحت حجة قيادة “التحول الديمقراطي”، وهو المشروع ذاته الذي كان الأساس في بداية الأزمة عندما فرضت القوى الدولية الاتفاق الإطاري الذي يعتبره كثيرون الشرارة التي فجّرت الصراع المسلح في البلاد.
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق