نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: مرة أخرى.. الجزائر تُحيي ملف "التجارب النووية" لابتزاز فرنسا بعد اعترافها بمغربية الصحراء - تليجراف الخليج اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 08:57 مساءً
بينما تعيش العلاقات الجزائرية–الفرنسية على وقع أزمة غير مسبوقة منذ إعلان الإليزيه، صيف 2024، دعمه الصريح لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء، عادت الجزائر لتوظيف ملف التجارب النووية الفرنسية في الجنوب الجزائري كورقة سياسية ضاغطة، في محاولة منها لإحراج باريس ودفعها إلى التراجع عن مواقفها الأخيرة.
وارتباطا بالموضوع، حرص الوفد الجزائري المشارك في أشغال الدورة الـ69 للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية بفيينا (بين 15 و19 شتنبر الجاري)، على إثارة تداعيات تلك التجارب التي أجرتها فرنسا بين 1960 و 1966 في مناطق كرقان وعين إكر ووادي الناموس، مقدماً عرضاً مفصلاً حول التأثيرات البيئية والصحية المستمرة إلى اليوم. وتم خلال اللقاء عرض فيلم وثائقي يسلّط الضوء على ما تصفه الجزائر بـ"المأساة النووية" التي خلّفها الاستعمار الفرنسي.
مصادر دبلوماسية اعتبرت أن إثارة الجزائر لهذا الملف في هذا التوقيت بالذات لا ينفصل عن التدهور الحاد في العلاقات مع باريس، خصوصاً بعد أن أقدمت الأخيرة على دعم المقترح المغربي، وهو ما فجّر أزمة دبلوماسية وصلت حد تبادل طرد السفراء والقناصل. ويرى مراقبون أن النظام الجزائري يسعى عبر تدويل قضية "الإشعاعات النووية" إلى ابتزاز فرنسا سياسياً وإجبارها على مراجعة تحالفاتها الجديدة في المنطقة المغاربية.
من جانبه، كان الرئيس الجزائري "عبد المجيد تبون" قد جدد في أكثر من مناسبة دعوته لفرنسا إلى تحمّل مسؤولياتها التاريخية، آخرها في خطابه أمام البرلمان نهاية 2024، حين صرّح بلهجة حادة: "لقد أصبحتِ قوة نووية وتركت لي المرض… تعالي نظفي ما خلّفته من نفايات"، في إشارة إلى التلوث الإشعاعي الذي ترفض باريس الاعتراف بمسؤوليته الكاملة.
وتطالب الجزائر اليوم بتسليم الخرائط الطبوغرافية الدقيقة لمواقع دفن النفايات النووية وتطهير المناطق المتضررة، بالإضافة إلى مراجعة قانون "موران" الفرنسي الخاص بالتعويضات. غير أن المراقبين يرون أن الهدف الحقيقي يتجاوز البعد الإنساني أو البيئي، ليصب في اتجاه الضغط على باريس وجرّها إلى مقايضات سياسية، خصوصاً في ما يخص اعترافها بمغربية الصحراء.
تاريخياً، أُدرجت قضية التجارب النووية ضمن اتفاقيات إيفيان سنة 1962، التي منحت فرنسا حق الاستمرار في استعمال مواقع الاختبارات لخمس سنوات بعد الاستقلال، دون أي التزام بالتطهير. ومنذ ذلك الحين ظل الملف في أدراج النسيان، قبل أن يعاد استدعاؤه كلما توترت العلاقات الجزائرية – الفرنسية.
واليوم، يبدو أن الجزائر تحاول إحياء الملف النووي كأداة ضغط إستراتيجي في سياق صراعها الإقليمي مع المغرب، وفي محاولة لليّ ذراع باريس حتى تعيد حساباتها بشأن الصحراء. غير أن مراقبين يعتبرون أن الرهان على "ابتزاز نووي" لم يعد ورقة فعّالة، خاصة بعد أن اختارت فرنسا بوضوح دعم الحل المغربي باعتباره الأكثر واقعية واستقراراً في المنطقة.
0 تعليق