متابعات – تليجراف الخليج

تشكل أورام الدماغ أحد أخطر التحديات الصحية التي قد يواجهها الإنسان، فهي لا تترك مساحة للنمو أو التمدد داخل الجمجمة، مما يؤدي إلى ضغط متزايد على أنسجة المخ. هذا الضغط، المعروف طبياً باسم “زيادة الضغط داخل الجمجمة”، يُعتبر المسؤول الأول عن ظهور أعراض مقلقة تبدأ بصداع مزمن وقد تنتهي بفقدان الذاكرة أو تغيرات الشخصية. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 80 ألف شخص في الولايات المتحدة يُشخصون سنوياً بهذه الأورام، سواء كانت حميدة أو خبيثة، ما يجعلها من أكثر الأمراض إثارة للقلق عالمياً.

صداع مختلف عن المعتاد

يُعد الصداع العلامة الأكثر شيوعاً لورم الدماغ، لكنه ليس صداعاً تقليدياً. غالباً ما يصفه المرضى بأنه مستمر ويشتد عند الاستيقاظ صباحاً، وقد يصاحبه غثيان أو قيء. كما يتفاقم الألم عند السعال أو العطس أو بذل أي مجهود بدني، في إشارة إلى ضغط الورم على الأوعية الدموية الحساسة داخل الدماغ.

النوبات.. إنذار مبكر

النوبات تشكل عرضاً بارزاً آخر، وتحدث نتيجة النشاط الكهربائي غير الطبيعي في المخ. قد تكون عامة تشمل الجسم كله وتتسبب في فقدان الوعي والسيطرة على النفس، أو بؤرية أكثر هدوءاً تتجلى في ارتعاشات عضلية أو صعوبات في الكلام أو رؤية أضواء وامضة. أياً كان نوعها، فإن النوبات تمثل ناقوس خطر لا ينبغي تجاهله.

الغثيان والقيء المستمران

الغثيان والقيء من العلامات المرتبطة بزيادة الضغط داخل الجمجمة. في بعض الحالات قد يستمر المريض في معاناته طوال اليوم، ما يجعله عرضاً مميزاً إذا ترافق مع الصداع المتكرر.

اختلال التوازن والحركة

عندما يصيب الورم المناطق المسؤولة عن الحركة، تظهر مشكلات واضحة في التنسيق الجسدي والتوازن. قد يعاني المريض من ضعف في الأطراف أو حتى شلل جزئي، إضافة إلى الدوار وصعوبة المشي. هذه العلامات كثيراً ما ترتبط بتدهور نوعية الحياة اليومية.

فقدان الذاكرة والقدرات الذهنية

أورام الدماغ لا تؤثر على الجسد فقط، بل تمتد إلى القدرات العقلية. يفقد المرضى القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات الجديدة أو التركيز لفترات طويلة، بينما تظل الذكريات القديمة محفوظة نسبياً. كما قد يعانون من صعوبات في اللغة والتواصل، مما يزيد من وطأة المرض على المريض وأسرته.

تقلبات المزاج وتغيرات الشخصية

من أبرز المظاهر النفسية للأورام تقلبات المزاج والاكتئاب. وتشير الدراسات إلى أن واحداً من كل أربعة مصابين يتعرضون لنوبة اكتئاب حادة، تتجلى في الحزن المستمر وفقدان الاهتمام بالحياة. وقد يتغير سلوك الشخص بشكل ملحوظ، فيتحول من هادئ إلى سريع الغضب أو متهور دون سبب واضح.

الإرهاق المستنزف

التعب الشديد من العلامات المشتركة بين المرضى. يتوزع هذا الإرهاق بين الجسدي (ضعف العضلات وقلة الطاقة)، والعاطفي (الانفعال وفقدان الدافع)، والإدراكي (ضعف التركيز وصعوبة إنجاز المهام البسيطة).

تدهور السمع والبصر

عندما يتموضع الورم بالقرب من الأعصاب القحفية، تظهر أعراض حادة مثل ضعف أو فقدان السمع، طنين الأذن، ازدواجية الرؤية أو حتى فقدان البصر الكامل. هذه العلامات تمثل مرحلة متقدمة من التأثيرات العصبية.

الخلاصة

أورام الدماغ ليست مجرد مرض جسدي بل تحدٍ شامل يطال الجسد والعقل والنفس. الكشف المبكر يبقى الأمل الأهم لتقليل حدة الأعراض وتحسين فرص العلاج. لذلك، فإن ملاحظة الصداع المختلف، أو النوبات المفاجئة، أو التغيرات السلوكية تستدعي استشارة طبية عاجلة قبل أن تتحول العلامات إلى تهديد صريح للحياة.