عملية القدس: حين ترد الضحية على جلادها #عاجل - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: عملية القدس: حين ترد الضحية على جلادها #عاجل - تليجراف الخليج اليوم الاثنين الموافق 8 سبتمبر 2025 08:03 مساءً

كتب اللواء المتقاعد د. موسى العجلوني - 

في صباح اليوم الاثنين 8 ايلول 2025، انتشرت أصوات الرصاص في مفرق راموت بالقدس المحتلة. دقائق قليلة كانت كافية لتقلب المشهد: قتلى وجرحى في صفوف المستوطنين، وإرباك أمني غير مسبوق داخل منطقة يُفترض أنها محصنة ومليئة بالحواجز وكاميرات المراقبة. العملية انتهت سريعًا، لكن أصداءها ما زالت تتردد في عمق الكيان الصهيوني وفي كل بيت فلسطيني، وفي أروقة المؤسسة الأمنية الصهيونية على حد سواء.

في الوعي الفلسطيني، مثل هذه العملية لا تأتي من فراغ. هي حلقة جديدة في سلسلة ردود الفعل الطبيعية على سنوات طويلة من القمع والحصار والقتل اليومي. غزة تعيش منذ شهور طويلة حرب إبادة مروعة: آلاف الشهداء تحت الركام، مدن كاملة مدمرة، وتجويع متعمد حوّل الحياة هناك إلى جحيم، وأبراج غزة السكنية يتم تدميرها الآن على روؤس ساكنيها وربما في وقت متزامن مع وقت تنفيذ هذه العملية. في الضفة الغربية، لم تهدأ الاقتحامات اليومية، ولا توقف هدم البيوت، ولا خفّت اعتداءات المستوطنين على القرى والطرقات. وحتى القدس نفسها، لم تسلم من محاولات التهويد وتدنيس المقدسات. في ظل هذه الصورة، يرى الفلسطيني أن المقاومة – بأشكالها المختلفة – هي الرد الوحيد الممكن على آلة بطش لا تترك خيارًا آخر.

المزاج الشعبي الفلسطيني، كما ينعكس في الشارع والمخيمات ووسائل التواصل، يتسم اليوم بمزيج معقد من الألم والفخر: الألم لأن كل عملية كهذه تأتي بعد دماء غزيرة سُفكت في غزة والضفة، الفخر لأن الفعل المقاوم يعيد الاعتبار للشعب المقهور، ويؤكد أن الاحتلال مهما تفرعن لا يستطيع أن يزرع الأمان في مستوطناته، الأمل لأن مثل هذه العمليات تبرهن أن الفلسطيني – رغم كل ما يعيشه – لا يزال قادرًا على قلب المعادلات. هذا المزاج لا يتغذى فقط على الرغبة في الانتقام، بل على شعور أعمق بالعدالة: أن الجلاد لا يمكن أن يواصل القتل والحصار دون أن يتوقع ردًا.

على الجانب الآخر، ما حدث في القدس ترك أثرًا واضحًا في دولة الكيان على أكثر من مستوى:

1.أمنيًا: العملية اخترقت كل الإجراءات الأمنية في قلب مدينة تُعتبر "مركزية"، وهو ما كشف هشاشة المنظومة الأمنية الصهيونية.

2.استراتيجيًا: فرضت العملية حالة استنفار، وأعادت للأذهان أن الصراع لم يعد محصورًا في غزة فقط، بل يمتد إلى الضفة والقدس وحتى عمق الكيان.

3.نفسيًا ومعنويًا: المشهد زرع الخوف من جديد في المجتمع الصهيوني، حيث باتت المستوطنات والطرق والحافلات أهدافًا محتملة. هذا الشعور بالهشاشة يعكس عمق الأزمة التي يعيشها الاحتلال في مواجهة مقاومة تعرف كيف تضرب حين تُظن القبضة محكمة.

باختصار، عملية القدس ليست مجرد حدث أمني عابر، بل انعكاس لمعادلة أعمق: كلما ضاق الخناق على الشعب الفلسطيني بالقتل والحصار والتجويع، كلما انفجرت مقاومته بأشكال لا يتوقعها أحد. في المزاج الفلسطيني العام، العملية تمثل ردًا طبيعيًا، ليس منفصلًا عن المجازر اليومية، ولا بعيدًا عن سياق الحرب المفتوحة على الأرض والإنسان.

إنها رسالة واضحة: لن يكون هناك أمان تحت الاحتلال، وأن شعبًا يُحاصر ويُقتل ويُجوَّع لا يمكن أن يُختزل في صورة الضحية الصامتة. المقاومة بالنسبة له، هي ببساطة لغة البقاء والكرامة.

نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق