نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: ماذا يعني تعيين هولتسنايدر سفيراً ومفوضاً مطلق الصلاحية لأميركا لدى الأردن - تليجراف الخليج اليوم الخميس 4 سبتمبر 2025 11:12 مساءً
بقلم :
كتب : وائل منسي - تعيين جيمس هولتسنايدر سفيراً فوق العادة ومفوضاً في الأردن ليس حدثاً عادياً، بل يحمل دلالات سياسية واضحة.
الرجل القادم من خلفية طويلة في الملفات السياسية العسكرية ومن تجارب عميقة في مناطق النزاع مثل العراق وأفغانستان والصومال وتونس، إضافة إلى خبرته في الشؤون الإيرانية ومركز عمليات الخارجية الأميركية، يمثل أكثر من مجرد دبلوماسي بروتوكولي؛ هو حامل لملف أمني إستراتيجي بامتياز.
وقد خدم سابقاً في الكويت وتعاون عن قرب مع جيوش المنطقة، وحاز على تكريم من الجيش الأميركي نفسه، ما يشي بأن حضوره في عمان ليس معزولاً عن السياق الإقليمي المضطرب.
المغزى أن واشنطن ترسل إلى الأردن شخصية تعرف كيف تُدار الأزمات وتُضبط خطوط النار في مناطق ملتهبة.
هذا يعكس قناعة أميركية بأن الأردن، رغم استقراره النسبي، أصبح في عين العاصفة: ضغوط الملف الفلسطيني، وتمدد النفوذ الإيراني، والحرب الإسرائيلية في غزة، وارتدادات الحرب في سوريا والعراق، وتزايد هشاشة الاقتصاد المحلي.
خبرته في الشؤون السياسية العسكرية تعني إمكانية تنسيق أفضل لبرامج التدريب، وتمكين الأمن الوطني الأردني، وربط الأردن بشبكات تحالفية إقليمية.
وفي مجال دعم التنمية والاستقرار، فخبرته الإدارية تؤهله للإشراف على برامج كبيرة مثل تحسين البُنى التحتية، ودعم الاقتصاد الأردني خلال الضغوط، وإدارة مساعدات فعالة ومُحاسبة.
تعيين سفير بهذا الوزن يوحي بأن الولايات المتحدة تريد أن تبقي الأردن خط الدفاع الأول في محيط مشتعل، وأن الدعم لن يكون فقط مالياً أو إنسانياً بل أيضاً أمنياً وسياسياً وربما عسكرياً إذا لزم الأمر.
بالنسبة للأردن، تتقاطع هنا الفرص والمخاطر، من جهة خبرة هولتسنايدر تمنح عمان فرصة لتعزيز شراكتها الأمنية مع واشنطن، وتحويل المساعدات الأميركية إلى برامج أكثر فاعلية، وربما الاستفادة من شبكة علاقاته الواسعة لتأمين دعم إقليمي إضافي.
كما يمكن أن يساهم في تخفيف الضغوط إذا ما أحسن الأردن التفاوض على صيغة “الاستقرار مقابل الإصلاح” بحيث لا يطغى الأمن على المطالب التنموية والسياسية.
لكن من جهة أخرى، تعيين شخصية ذات طابع أمني قد يغذي الانطباع الشعبي بأن الأولوية الأميركية هي تثبيت الوضع القائم لا دفع الإصلاحات، كما قد يجعل المساعدات أداة ضغط إضافية.
الأخطر أن الحساسية الأردنية الشعبية تجاه السياسات الأميركية، خصوصاً في الملف الفلسطيني، قد تفجّر ارتدادات سياسية داخلية إذا بدا أن السفير الجديد يمارس وصاية أكثر مما يقدم شراكة.
في المحصلة التعيين يفتح باباً مزدوجاً: إمّا أن يحسن الأردن استثماره في شراكة تُمكّنه من تعزيز أمنه واقتصاده ضمن معادلة متوازنة، وإمّا أن يقع في فخ الاعتماد المفرط الذي قد يحد من استقلال قراره ويزيد من هشاشة وضعه الداخلي.
الرسالة الأميركية واضحة: المنطقة على أعتاب تحولات كبرى، والأردن بالنسبة لواشنطن ليس مجرد حليف، بل قاعدة متقدمة تتطلب وجود رجل أزمات يعرف تماماً كيف تُدار مرحلة مضطربة كهذه.
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق