قمة قطر : هل التضامن العربي سينجح في كبح الانتهاكات المختلفة على الشرق العربي - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: قمة قطر : هل التضامن العربي سينجح في كبح الانتهاكات المختلفة على الشرق العربي - تليجراف الخليج اليوم الثلاثاء الموافق 16 سبتمبر 2025 04:06 مساءً

 بات واضحاً للعيان أن الصراع الاسرائيلي مع حركة حماس في غزة ، قد توسعت دائرته الجغرافية لينتقل نحو اختراق اسرائيل لسيادة قطر واستهداف الطيران الاسرائيلي منطقة سكنية يتواجد عليها مكتب حركة حماس في الدوحة ، الامر الذي نتج عنه استشهاد عدد من افراد الحركة ، وهذا الاستهداف يُعد اختراقاً صارخاً لسيادة دولة قطر والتي لها دور استراتيجي بين الدول العربية ، كما له تأثيره على وساطة قطر المحورية لحل الازمة بين حركة حماس واسرائيل .

وعلى ضوء هذه الضربة الاسرائيلية تحرك موقف جماعي للدول العربية والاسلامية وبشكل موحد جراء الاعتداء الاسرائيلي على مقر حركة حماس ، وتجسد هذا الموقف بالتضامن العربي والاسلامي مع دولة قطر، حيث انطلقت في الدوحة أعمال القمة العربية والاسلامية الطارئة وعنوانها الواضح هو تضامن الدول العربية والاسلامية مع دولة قطر ، ممثلة بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد ال ثاني ، وايضا السعي خلال القمة الى حماية الأمن العربي والاسلامي ، لذا كان مضمون القمة هو ادانة خرق اسرائيل لسيادة قطر وهجومها بالطائرات على مقر حماس ، وهو أمر يُعتبر خرقاً وانتهاكاً اسرائيلياً للقانون الدولي ، كما عكست القمة جهود ومساعي التضامن العربي والاسلامي الموحد .

وقبيل القمة المنعقدة أمس في الدوحة وخلال الاجتماع التحضيري لها، صرح رؤساء وزراء خارجية الدول العربية والاسلامية بمن فيهم وزير خارجية المملكة الاردنية الهاشمية بأن الهجوم الاسرائيلي واختراقها لسيادة قطر، هو حتماً يمثل تصعيداً يهدد الاستقرار الاقليمي والعالمي، وقطعاً يهدد أيضاً الأمن العربي المشترك ، وتمّ التأكيد أن حماية دولة قطر هو جزء لا يتجزأ من حماية الأمن العربي . وهذه القمة التي انعقدت في الدوحة تأتي في وقت حساس وظروف عصيبة تمر بها المنطقة والاقليم ، خاصة ما تعيشه من الصراع والحرب بين اسرائيل وحركة حماس جراء الاعتداء من الحركة في السابع من اكتوبر عام 2023م ، وما تبعها من تطورات في المنطقة والتي شهدت تفاقم للاوضاع في الضفة الغربية ومنطقة الشرق العربي ، كذلك الوضع في سوريا وبالاخص أثناء وبعد سقوط نظام البعث السوري المتمثل ببشار الاسد البائد ، والآن المرحلة الانتقالية الحساسة للحكومة المؤقتة للرئيس السوري أحمد الشرع والوضع الغير مستقر سياسياً وعسكرياً واقتصادياً ، خاصة مسألة التوغل الاسرائيلي في منطقة الجنوب السوري ، كذلك وجود الجيش الوطني السوري المدعوم تركياً في منطقة الجنوب أيضاً ، والذي يُنذر بإحتمالية اندلاع صراع بينهم ، كما أن الوضع في لبنان وتحديداً بعد استهداف اسرائيل للسيد حسن نصر الله الأمين العام السابق لحزب الله اللبناني ، والذي استشهد على أثر الضربات الاسرائيلية ، والمرحلة التي تمر فيها اليوم الحكومة اللبنانية وسعيها تجاه حصر السلاح بيد الدولة والجيش اللبناني فقط ، وبالطبع فإن الوضع في العراق يمر هو الاخر بمرحلة حساسة ، خاصة أن الحكومة العراقية الحالية تربطها علاقات وطيدة مع ايران الداعمة للميليشيات المتواجدة للآن على الاراضي العراقية ، كما شهد العراق في هذه المرحلة انسحاب للقوات الأمريكية من بعض القواعد المتواجدة على أراضيه .

لذلك كله فإنني أُصر من وجهة نظري كمراقبة ومتابعة ومحللة للوضع في المنطقة والشرق العربي على أن هذه القمة لها أهمية حساسة في هذه المرحلة المعقدة ، والمتوقع أن نتائج هذه القمة ونظراً لتواجد ومشاركة معظم الرؤساء العرب و وزراء خارجية دولهم سوف من شأنها حتماً التأثير على المستقبل والأمن والاستقرار الاقليمي بما في ذلك ما يتصل بملف الصراع الفلسطيني والعربي مع اسرائيل ، الى جانب التأثير أيضاً على منطقة المشرق العربي المشتعلة أساساً ، لذا من هنا نجد أن مخرجات القمة تضمنت الاشارة إلى أن هذا الاستهداف الاسرائيلي لدولة قطر يُهدد الاستقرار الاقليمي والدولي، الى جانب ذلك فقد تضمن المخرجات الاصرار على أخذ موقف جاد عملي وموحد من الدول العربية والاسلامية ، والسؤال هنا هو هل سوف تتجاوز القمة ومخرجاتها مسألة الادانة التقليدية والتصريحات المعتادة وبشكل يضمن اتخاذها فعلياً موقف قوي جاد للوقوف مع دولة قطر؟ ، وهل سوف تنجح الدول العربية والاسلامية بالاتجاه والسعي نحو ضرورة اتخاذ القرارات العملية والتحرك السريع للدفاع عن مواقفهم وقراراتهم الموحدة في القمة المنعقدة أمس وكل ما سبقها في الماضي ؟ ، وهل سوف يكون هناك ترجمة حقيقية لهذه القرارات والتصريحات وتحويلها لأفعال واجراءات ملموسة قوية على أرض الواقع من شأنها كبح السياسات الاسرائيلية في المنطقة العربية ؟، وبالمحصلة هل تهدف في النهاية هذه القمم الى تعزيز الامن والاستقرار على وجه التحديد في منطقة الشرق العربي؟.

والسؤال الأبرز هنا ، هل فعلا سيتمكن القادة العرب في القمة موحدين في اتخاذ موقف موحد عملي حقيقي متجاوزاً الادانة السياسية والتصريحات التقليدية للقمم العربية السابقة ، والنجاح في وقف الاعتداءات الاسرائيلية على المنطقة ؟، أي هل ستنجح مخرجات القمة في كبح الاعتداءات الاسرائيلية وايقافها ؟، وهل سوف تنجح في السعي أيضاً الى عُزلة اسرائيل في المنطقة العربية واضعاف نفوذ اسرائيل ليس فقط في المنطقة العربية ولكن في العالم ؟ ، وايضاً تنجح في اضعاف نفوذ اسرائيل القوي والمتصاعد مع امريكا والدول الاوروبية ودول العالم ؟، وهل هذه القمة المنعقدة بالأمس وفي هذه المرحلة الحساسة اقليمياً ستنجح فيها الدول العربية الى رفع مستوى التصريحات والإدانات للهجوم الاسرائيلي والقدرة على تحويل واقعي الى مستوى حرب فعلية عسكرية على اسرائيل ؟، أم ستبقى فقط على مستوى التصريحات الاعلامية والادانات المحدودة كلامياً فقط ؟ ، أي بدون أخذ قرارات مفصلية مطبقة فعلياً ؟ وأيضاً السعي إلى فرض قوة الزامية على أرض الواقع وتنفيذ القرارات بفعالية أو أنها ستبقى كما هي القمم السابقة تندد وتدين فقط ببيانات اعلامية وصحفية فقط ؟، وبالاخص أن الهجوم الاسرائيلي مؤخراً على العاصمة القطرية الدوحة ، وأيضاً التوغل الاسرائيلي في الجنوب السوري مؤخراً واستهداف واختراق العمق السوري دون أي مقاومة لسيادة الاراضي السورية المستباحة أيضاً من الجيش الوطني السوري المدعوم تركياً ؟، وطبعا الشعب الفلسطيني في غزة الذي يعاني الكثير جراء الصراع والحرب بين حركة حماس واسرائيل ، وبالطبع يحتاج الكثير ليس فقط المساعدات الاغاثية والطبية والتي تكفل الاردن وبشكل متواصل على توفيرها ، حيث شارك جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين بنفسه في انزالها من طائرات سلاح الجو الملكي الاردني لأهل غزة .

وكل هذه التطورات السياسية والعسكرية الاخيرة سوف تقود حتماً نحو تكثيف عملية الوساطة بين حركة حماس واسرائيل من أجل إنهاء الصراع في غزة بينهم ، وايضاً ستؤثر على جهود عملية اطلاق الاسرى بين الطرفين ، ولا شك أنها ستؤثر على ملف مفاوضات الحل الدبلوماسي والسعي لمنع فشلها في تحقيق السلام والمصالحة بين حماس واسرائيل ، سلام يقود المنطقة والاقليم العربي المشتعل اساساً للاستقرار ، واعتقد أن هذا الاختراق الاسرائيلي لسيادة قطر سوف يهدد أيضاً مستقبل اتفاقيات السلام السابقة والمستقبلية .

ومن هنا جاء الموقف الاردني الاصيل لدعم ومساندة الاشقاء العرب ، حيث أكد ملك المملكة الاردنية الهاشمية جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين في كلمته التاريخية في قمة الدوحة أمس على الموقف الاردني الاصيل الراسخ ، حيث قدم التعزية لاخيه الشيخ تميم وادان العدوان الاسرائيلي واعتبر ما قامت به اسرائيل بأنه خطوة تصعيدية لها تبعات خطيرة على المنطقة ، وكلمته الهاشمية هي رسالة للاشقاء في قطر بدعمها وبكافة الامكانات لمواجهة هذا العدوان ، والاردن يقف مع قطر فأمن دولة قطر من أمن واستقرار المملكة الاردنية ، لذا دعمنا لها مطلق ، والاردن يلعب أيضاً دوراً أساسياً ومحورياً في قضايا الشرق الاوسط بما فيها القضية الفلسطينية والملف السوري قبل سقوط النظام البائد وحتى الان في المرحلة الانتقالية لحكومة الرئيس أحمد الشرع .

وفي ذات السياق المتصل بالقمة في قطر أمس ، فقد طالبت الدولة القطرية المفوضية الاممية لحقوق الانسان الخاصة بمكافحة الارهاب ، باصدار موقف واضح وقوي منها يدين الهجوم الاسرائيلي على العاصمة القطرية الدوحة حيث استهداف مقر حركة حماس واستشهاد مواطن قطري وفلسطيني من حركة حماس، وايضا تم المطالبة بتوثيق الانتهاكات الاسرائيلية ، اضافة الى مطالب الدولة القطرية بمحاسبة اسرائيل .

نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.