متابعات – تليجراف الخليج

لم يعد مشهد انتهاء رواتب الموظفين قبل منتصف الشهر أمرًا غريبًا في السودان، بل أصبح واقعًا مريرًا يعيشه معظم المواطنين في ظل انفلات الأسعار وتدهور العملة الوطنية.

فمع كل يوم جديد، تتبدل قوائم الأسعار في الأسواق بشكل جنوني، حتى أن شراء السلع الأساسية بات أشبه برحلة مرهقة بين الأكشاك والمتاجر بحثًا عن الأرخص، وغالبًا بلا جدوى

تضخم يلتهم الدخل

التقارير الاقتصادية تشير إلى أن معدلات التضخم في السودان وصلت إلى مستويات قياسية، جعلت الأجور غير قادرة على تغطية الاحتياجات الأساسية.

الموظف الذي كان راتبه يكفي لشهر كامل، بات الآن يجد نفسه مضطرًا للاستدانة أو بيع ممتلكات شخصية لتغطية مصاريف الأسبوعين الأخيرين.

خبراء الاقتصاد يعزون هذا الوضع إلى ضعف الرقابة الحكومية، وانفلات الأسواق، واعتماد البلاد المفرط على الواردات في ظل شح النقد الأجنبي

الدولار سيد الموقف

في السوق الموازي، يقف الدولار كحاكم فعلي للأسعار، حيث تتأثر تكلفة كل سلعة تقريبًا بتقلبات سعره اليومية.

ومع غياب سياسة نقدية فعالة، يجد المواطن نفسه أسيرًا لتجار العملة والمضاربين. حتى المنتجات المحلية لم تسلم من موجة الغلاء، إذ ارتفعت أسعار الخضروات واللحوم بشكل غير مسبوق، في ظل ارتفاع تكاليف النقل والطاقة

غياب الرقابة وتعدد الوسطاء

أحد أسباب تضخم الأسعار يعود إلى تعدد الوسطاء بين المنتج والمستهلك، ما يرفع من تكلفة السلعة النهائية.

في أسواق مثل أم درمان والخرطوم بحري، يمكن أن تجد فارقًا كبيرًا في سعر السلعة ذاتها بين متجر وآخر.

المواطنون يشكون من ضعف دور الأجهزة الرقابية في ضبط الأسعار ومنع الاحتكار، بينما يرى التجار أن تكلفة التشغيل المرتفعة تجبرهم على رفع الأسعار

المواطن بين الصمت والانفجار

في الأحياء الشعبية، يتحدث الناس عن الغلاء كما لو كان قضاءً وقدرًا، لكن حالة الغضب المكتوم تتصاعد.

كثيرون يحذرون من أن استمرار هذا الوضع قد يقود إلى موجة احتجاجات جديدة، خصوصًا أن الغذاء والدواء أصبحا عبئًا فوق طاقة المواطن العادي ومع ذلك، يبدو أن السلطات لم تضع حتى الآن خطة واضحة لوقف النزيف الاقتصادي