متابعات- تليجراف الخليج

شهد مستشفى المجلد بولاية غرب كردفان مأساة إنسانية بعد تعطل الأجهزة الطبية المخصصة لغسيل الكلى، ما تسبب في وفاة قرابة 20 مريضًا خلال الفترة من عام 2024 وحتى منتصف 2025. وأصبح المستشفى، الذي كان يستقبل أعدادًا متزايدة من مرضى الفشل الكلوي من ولايات كردفان ودارفور، عاجزًا عن استيعاب الحالات المتدفقة بسبب توقف معظم المراكز الصحية في الإقليم.

جهاز واحد يخدم عشرات المرضى

أكد عضو غرفة الطوارئ والبناء بولاية غرب كردفان، معمر القذافي، أن المركز كان يضم خمسة أجهزة للغسيل الكلوي، إلا أن أربعة منها تعطلت مع نهاية عام 2024، ولم يبق سوى جهاز وحيد يعمل بصعوبة. وأوضح أن الجهاز المتبقي لم يكن قادرًا على تلبية احتياجات عشرات المرضى، ما أدى إلى تقليص عدد الجلسات من مرتين في الأسبوع إلى جلسة واحدة فقط، الأمر الذي فاقم الوضع الصحي وأدى إلى وفاة العديد من المرضى.

قصف وانهيار كامل للخدمة

عبد الرحمن، أحد العاملين بالمركز، كشف أن المركز استقبل بداية الحرب نحو 58 مريضًا، لكن بعد تعطل الأجهزة واشتداد الأزمة، اضطر الكثيرون لمغادرة المنطقة نحو مدن أخرى مثل الأبيض والضعين وحتى جنوب السودان. وأضاف أن دخول قوات الدعم السريع إلى مدينة النهود جلب مزيدًا من المرضى للمركز، إلا أن قصف المستشفى أدى إلى توقفه بالكامل عن تقديم الخدمة.

مبادرة مجتمعية لإنقاذ الموقف

لمواجهة الكارثة، أطلقت غرفة الطوارئ والبناء مبادرة باسم “مبادرة مركز غسيل الكلى وغرفة طوارئ المجلد”، نجحت في جمع نحو 8,200,000 جنيه سوداني عبر التبرعات الشعبية. وتم تخصيص المبلغ لصيانة الأجهزة ونقلها إلى جوبا بجنوب السودان، غير أن ارتفاع التكاليف وتعقيد الإجراءات حال دون إصلاحها، لتبقى الأجهزة معطلة لأكثر من ثلاثة أشهر.

عملية احتيال تزيد المعاناة

معمر القذافي كشف كذلك عن تعرض اللجنة لعملية احتيال عند شراء أجهزة جديدة عبر شركة “ألماسا” في السعودية، حيث تم استيراد ماكينات مستعملة وغير مطابقة للمواصفات المتفق عليها. وأوضح أن لجنة التحقيق التي شكلت لاحقًا أثبتت أن الأجهزة التي وصلت كانت من نوع “غامبرو 96” وماكينات “فريزينيوس” مستخدمة، بدلاً من “غامبرو 98” التي أوصت بها إدارة المستشفى.

أزمة في المواصفات وقطع الغيار

التقرير الرسمي لمستشفى المجلد أكد أن الأجهزة التي وصلت لا يمكن تشغيلها لعدم توافقها مع قطع الغيار والمحاليل الطبية المتوفرة، حيث تبين أن بعضها يعاني من مشاكل في الفلاتر ولا توجد لها إمدادات مناسبة. وخلص التقرير إلى أن الحل الوحيد المطروح أمام المركز هو استبدال الأجهزة غير الصالحة بجهاز واحد من نوع “KA 98” الموجود أصلًا في المركز، باعتباره الأنسب والمتاح صيانته.

خطر يتفاقم ومرضى بين الحياة والموت

الأزمة المتصاعدة تهدد حياة عشرات المرضى الذين يعتمدون بشكل كامل على جلسات الغسيل المنتظمة. وفي ظل غياب الدعم الحكومي الفعال وتأخر وصول الأجهزة المطابقة للمواصفات، يواجه المرضى خطر الموت البطيء، فيما تحاول المبادرات الشعبية والمنظمات الإنسانية التدخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

إتبعنا