نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: ”مذكرة اعتقال أمريكية بـ مكافأة مالية ضخمة… فمن... - تليجراف الخليج اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025 01:17 صباحاً
أصدر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI)، اليوم، مذكرة اعتقال دولية بحق المواطن العماني محمود رشيد عمور الحبسي، على خلفية اتهامات جسيمة تتعلق بالضلوع في عمليات غسيل أموال واسعة النطاق وتهريب النفط الإيراني إلى الصين، ضمن شبكة دولية تُستخدم لتمويل ميليشيا الحوثي في اليمن. وأعلن المكتب عن مكافأة مالية كبيرة لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه، في خطوة تُعد تصعيداً نوعياً في الحملة الأمريكية على الشبكات المالية التي تدعم الحوثيين.
46.3.49.207
وتأتي هذه الخطوة في إطار حملة دولية متصاعدة تقودها الولايات المتحدة بالتعاون مع شركاء أوروبيين وخليجيين، تستهدف تفكيك البنية التحتية المالية واللوجستية التي تعتمد عليها الميليشيا الحوثية في تمويل عملياتها العسكرية، والتي تشمل تهريب النفط والأسلحة، واستغلال المنظمات الدولية لتبييض صور قياداتها.
الحبسي وشبكة الشامي: من جنيف إلى بكين.. خيوط متشابكة
ما يثير الانتباه في ملف الحبسي هو الارتباط المحتمل بينه وبين شبكة دولية يديرها القيادي الحوثي أحمد عبد العلي الشامي، الذي يُعرف في الأوساط الدبلوماسية بأنه "الوجه المدني" للحوثيين في المحافل الدولية. وقد كشفت تحقيقات سابقة – منها تقارير أمريكية وأوروبية – عن دور الشامي في تنسيق عمليات التمويل عبر شركات وهمية، وترويج قيادات حوثية على أنها "ناشطون حقوقيون مستقلون".
ومن بين الأدوات التي استخدمها الشامي في هذا السياق، مؤسسة DeepRoot التي يديرها اليمني رأفت الأكحلي، وزوجته عبير المتوكل، التي ترأس برنامج "زمالة حكمة" الذي يُروّج لنفسه كمنصة لدعم الناشطين المستقلين، لكن وثائق وتسريبات أظهرت أنه كان يستخدم لتقديم غطاء دولي لشخصيات حوثية، بما في ذلك الشامي نفسه.
جنيف.. منبر لمنتهكي حقوق الإنسان؟
في تفصيل صادم، كشفت وثائق أن الشامي نسّق شخصياً لإلقاء خطاب في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، من قبل المتهم بارتكاب جرائم تعذيب ضد السجناء، عبدالقادر المرتضى، الذي يشغل منصب "رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى" لدى الحوثيين. وقد تم تقديم المرتضى في ذلك المحفل الدولي على أنه "مسؤول حقوقي"، في محاولة واضحة لـتلميع صورة قيادات متورطة في انتهاكات جسيمة، واستغلال آليات حقوق الإنسان كأداة للدعاية السياسية.
ويشير خبراء في القانون الدولي إلى أن هذه الممارسات تمثل انتهاكاً صارخاً لمبادئ الأمم المتحدة، وتستدعي تحركاً عاجلاً من قبل الدول الأعضاء لمنع استغلال المنظمات الدولية من قبل جهات مصنفة إرهابياً أو متورطة في جرائم حرب.
ضربة مالية نوعية.. وتوسع متوقع في الملاحقات
يُتوقع أن تؤدي مذكرة الاعتقال بحق الحبسي إلى فتح ملفات جديدة في واشنطن وعواصم أوروبية، مع احتمال صدور مذكرات اعتقال إضافية تستهدف شخصيات وشركات وهمية تعمل في آسيا وأفريقيا وأوروبا، وتشارك في تهريب النفط الإيراني وغسل عائداته لتمويل الحوثيين. وتشير مصادر مطلعة إلى أن التحقيقات الأمريكية تركز حالياً على شركات شحن وتسجيل سفن وهمية، وشبكات مصرفية في دول ثالثة، تستخدم لتحويل الأموال عبر طرق معقدة تبدأ من موانئ إيرانية وتمر عبر الصين والإمارات وتركيا قبل أن تصل إلى صنعاء.
ويعد هذا التحرك الأمريكي ضربة استراتيجية للحوثيين، الذين يعتمدون بشكل متزايد على تهريب النفط الإيراني كبديل للإيرادات التي فقدوها بسبب العقوبات والحصار، وخصوصاً بعد تراجع الدعم المالي المباشر من إيران في ياض العقوبات الأمريكية.
تداعيات مزدوجة: مالية وسياسية
تشير التحليلات إلى أن كشف هذه الشبكات لن يكون له أثر مالي فحسب، بل سيقلب المشهد السياسي والإعلامي أيضاً. فمن ناحية، سيؤدي إلى تجميد أصول وتعطيل قنوات التمويل، مما يحد من قدرة الحوثيين على شراء الأسلحة ودفع رواتب المقاتلين. ومن ناحية أخرى، سيُسهم في فضح الشبكات التي استخدمت المؤسسات الحقوقية والثقافية الدولية كواجهة، مما يضعف من قدرة الحوثيين على الترويج لصورتهم كطرف "مقاوم" أو "ضحية"، ويكشف زيف الرواية التي يسوقونها في الغرب.
ويقول خبراء: "إن استغلال الحوثيين للمنظمات الدولية ليس مجرد خداع إعلامي، بل هو جزء من استراتيجية شاملة لشرعنة وجودهم وتمويلهم، وكشفها الآن قد يُفقد الميليشيا أحد أهم أدواتها الناعمة."
ما بعد الحبسي: هل نحن على أعتاب موجة اعتقالات دولية؟
في ظل التصعيد الأمريكي، يترقب المراقبون موجة جديدة من العقوبات والملاحقات القضائية خلال الأسابيع القادمة، قد تستهدف مسؤولين حوثيين، ورجال أعمال، وشركات وهمية، وحتى دبلوماسيين سابقين عملوا كوكلاء للحوثيين في الخارج. كما قد تشهد المنظمات الدولية، خصوصاً في جنيف وبروكسل، حملات تدقيق واسعة للتأكد من عدم تورط أي من موظفيها أو شركائها في تغطية أنشطة الحوثيين.
وفي هذا السياق، يرى محللون أن الضربة المالية قد تكون أكثر فاعلية من الضربات العسكرية في إجبار الحوثيين على الجلوس للتفاوض، خصوصاً إذا ترافقت مع ضغوط سياسية وإعلامية تكشف زيف خطابهم وفضح شبكاتهم.
ختاماً، فإن مذكرة الاعتقال بحق محمود الحبسي ليست مجرد إجراء قضائي، بل هي رسالة سياسية واضحة: أن واشنطن وحلفاءها لن يسمحوا بتحويل الاقتصاد العالمي أو المؤسسات الدولية إلى أدوات لتمويل الميليشيات والأنظمة المارقة. والخطوة القادمة، كما يبدو، ستكون أكثر شمولاً... وأكثر إيلاماً للحوثيين.
0 تعليق