قمة الطوارئ... والضحك على الذقون - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: قمة الطوارئ... والضحك على الذقون - تليجراف الخليج اليوم الأحد الموافق 14 سبتمبر 2025 02:54 مساءً

 

غداً الأحد، وبعده الاثنين، يجتمع القادة العرب والمسلمون في الدوحة فيما يسمى "قمة طارئة". لكن الحقيقة أن الطارئ ليس في جدول أعمالهم، بل في كون الضربة الإسرائيلية وصلت إلى قلب عاصمة خليجية. أما بقية المشهد، فليس جديداً: قتل للفلسطينيين، حصار في غزة، اعتداءات في الضفة، صواريخ على سوريا ولبنان واليمن، وتهديد لمصر والسعودية والأردن. كل هذا يُعامل وكأنه مجرد "نشرة أحوال جوية" تمرّ عابرة.

إسرائيل شنت هجوماً على مقر سياسي لحماس في الدوحة، في وقت كان فيه الوسطاء يحاولون تثبيت هدنة. أي أن الوسيط صار هدفاً. ومع ذلك، خرجت التصريحات العربية على نفس اللحن: "نستنكر بشدة"، "نشعر بقلق بالغ"، "ندعو لضبط النفس". بيانات أقرب إلى وصفات نوم، تُقرأ على جماهير تتساءل: أين الأفعال؟ أين المواقف؟

المفارقة الساخرة أن بعض العواصم الخليجية بدأت، بعد هذه الضربة، تكتشف أن إسرائيل أخطر من إيران. وكأن الأمر يحتاج إلى تجربة شخصية! أليس هذا هو الكيان نفسه الذي يحتل فلسطين، ويضرب الجوار متى شاء؟ ألم تكن غزة والقدس والضفة كافية لتقولوا إن إسرائيل هي العدو الأول؟ أم أن الصاروخ كان بحاجة لأن يطرق بابكم مباشرة كي تكتشفوا الحقيقة؟

الأمم المتحدة أيضاً دخلت على الخط بقرار جديد: حل الدولتين. قرار جميل يصلح لتزيين جدران الممرات في نيويورك. إسرائيل، كما نعلم، لا تعترف إلا بما يخدم مصالحها، أما القرارات الدولية فمجرد "معلبات فارغة" لا تسمن ولا تغني من جوع. بينما يجلس الفلسطينيون تحت القصف، يواصل العالم إصدار بيانات تذكّرنا بخطب البلاغة في المدارس.

القمة غداً وبعده، ستكون على الأغلب نسخة جديدة من مشاهد محفوظة: صور جماعية للقادة بربطات عنق مختلفة، خطب رنانة عن وحدة الصف، ثم كلمات ختامية تبدأ عادة بـ "ونحن إذ نؤكد..." وتنتهي بـ "وسنواصل المتابعة". بعد ذلك، يعود كل واحد إلى كرسيه الوثير، يتوهم أنه أنجز نصراً دبلوماسياً تاريخياً، فيما الحقيقة أن الدم الفلسطيني لا يزال يسيل، والسيادة العربية لا تزال تُنتهك، والعدو لا يزال يسرح ويمرح بلا رادع.

لكن الواجب الحقيقي ليس في الشجب ولا في البيانات، بل في الفعل. على الدول العربية، خاصة تلك التي أقامت علاقات طبيعية مع إسرائيل، أن تدرك أن التطبيع لم يجلب سوى مزيد من العدوان. إسرائيل دولة مأرقة، لا تحترم عهوداً ولا اتفاقيات، تتعامل فقط بلغة القوة. والمجتمع الدولي والقانون الدولي مجرد واجهة كاذبة لا تحمي أحداً.

الولايات المتحدة، التي يديرها ترامب بمنطق الصفقات، لا تفهم سوى لغة المصالح. فلماذا نصرّ على مخاطبتها بأدوات الخاسرين؟ لماذا لا نعاملها بالمنطق ذاته: منطق المصالح والندية؟ العالم تغيّر، والسياسة لا تُدار بالقصائد ولا بالخطب، بل بالقرارات الجريئة والتحركات العملية.

إسرائيل هي التهديد الحقيقي لأمن العرب جميعاً، أخطر من أي خصوم آخرين. هي التي تزرع الخوف وتفرض إيقاع الدم في المنطقة. وأي قائد يتهرّب من هذه الحقيقة إنما يشارك في إطالة عمر الكارثة. غداً في الدوحة، سيكتب التاريخ: إما أن العرب قرروا أن ينهضوا لكرامتهم ومصالحهم، أو أنهم اكتفوا بضحكة صفراء وصورة جماعية، ليعودوا بعدها إلى قصورهم الفاخرة، متناسين أن الدور القادم لن يكون على غزة وحدها... بل على عروشهم أيضاً.

من لا يدافع عن بيته اليوم... سيُطرد منه غداً.

نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق