«أمٌّ» تواصل علاج أبنائها من الآثار النفسية لأب مدمن - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

«لم يكن انفصالاً بل نجاة».. هكذا تصف مواطنة قرارها الذي أنهى أربع سنوات من الصبر والمعاناة الصامتة، عاشتها مع زوج غيّر الإدمان ملامحه وقلب حياتها رأساً على عقب، لتجد نفسها في معركة يومية مع الخوف والقلق، قبل أن تختار الطلاق ملاذاً أخيراً لحماية أطفالها، مؤكدةً أن قرارها لم يكن خصومة بل محاولة أخيرة للنجاة.

ووصفت المواطنة حياتها قبل أن يدخل الإدمان بيتها لـ«الإمارات اليوم» قائلة: «كنت أعيش حياة أكثر من رائعة في بيت يملؤه الرضا والطمأنينة، مع زوج طيب وحنون، قبل أن يتبدل فجأة، إذ بدأ يتغيب عن العمل بحجة التعب، ويغضب لأتفه الأسباب، ويرفض الحوار مكتفياً بعبارات قاسية مثل: لا تكلميني.. لا تناقشيني».

وذكرت أنها في البداية ظنت أن زوجها يواجه ضغوطاً وظيفية أو أزمة مالية مؤقتة، فبادرت بعرض بيع مصوغاتها الذهبية لمساندته غير أن المال كان يتلاشى من دون أن يطرأ أي تحسن على الوضع، ما أثار في نفسها تساؤلات عميقة حول التغير المفاجئ في سلوكه.

وأكملت: «مع تتابع المؤشرات من اضطراب انفعالاته إلى تبدل ملامحه، بدأت الشكوك تتسلل إليّ، فواجهته بصراحة»، مؤكدةً أنها مستعدة للوقوف إلى جانبه إذا كان ما يمر به إدماناً يستدعي خطة علاجية، إلا أن رده جاء بالنفي القاطع والانغلاق على ذاته ورفض أي محاولة للحوار أو التغيير.

وأكملت: «كنت أكرر عليه أننا بحاجة إليه كأسرة، وأن غيابه يترك فراغاً لا يحتمل، لكن الفجوة بيننا كانت تتسع، وبدأ العنف اللفظي والجسدي يظهر بلا مبررات حتى تحول البيت إلى مكان للخوف بدلاً من الطمأنينة».

وتروي عن ليلة كشف المستور، قائلة: «غاب عن المنزل يوماً كاملاً من دون سابق إنذار، ما دفعني إلى اللجوء لوالده طلباً للبحث عنه، بعدما تصاعد القلق داخلي، وفي ساعة متأخرة عاد فجأة وهو يرتدي ملابسه الداخلية فقط، وجسده مغطى برمال البحر، وعليه آثار ضرب واضحة، وكان يضحك بهستيريا، ويتحدث بكلمات غير مترابطة، ما أكد لي أن الأمر تجاوز مجرد أزمة نفسية أو ضائقة مالية».

وأضافت أن والده كان حاضراً للمشهد وواجهه مباشرة قائلاً له: «أنت تتعاطى»، لكنه أنكر بشدة قبل أن يعثر في مركبته على مواد مخدرة، لتتضح الصورة كاملة، وتبدأ مرحلة جديدة من المواجهة والقرارات الصعبة.

وتابعت تفاصيل الانهيار التدريجي لحياتها الزوجية مع الإدمان، مشيرة إلى أن زوجها لم يكتفِ بالحشيش والسجائر، بل كان يجرب في كل فترة شكلاً جديداً من التعاطي، بدأ بالحبوب ثم انتقل إلى الحقن حتى فقد في لحظات تعاطيه السيطرة على نفسه وحواسه، وأصبح ينام في الشارع أو على الشاطئ، ولا يتذكر أين ترك مركبته في اليوم السابق.

وأضافت أن تصرفاته كانت تتدهور يوماً بعد يوم إلى أن خسر عمله، واعتبرت تلك اللحظة نقطة التحول الكبرى، إذ اضطرت حينها إلى بيع مصوغاتها الذهبية ومركبتها والاقتراض من أشقائها لإعالة الأسرة، بعدما أصبح غيابه وانفصاله عن الواقع عبئاً نفسياً ومادياً لا يحتمل، ما دفعها إلى البحث عن عمل والحصول على وظيفة لتأمين احتياجات المنزل.

ومع مرور الوقت خاضت الزوجة حرباً شرسة ضد الإدمان، مؤكدة أنها لم تستسلم، فقد طرقت أبواب مراكز العلاج المتخصصة، ولجأت إلى ابنته الأقرب إليه علها تكون صوت العقل الذي يقنعه، لكن الرفض كان حاضراً في كل مرة، وكأن الإدمان قد أغلق كل نوافذ التواصل لديه.

وأردفت: «لم أره يوماً كعدو، بل كمريض يحتاج يداً تمتد نحوه، لكن يده كانت مطبقة على الإبرة، يرفض النجاة ويتمسك بالهاوية، بينما كنت أقاوم الانهيار لأجل أطفالي، وأحاول أن أبقي البيت واقفاً رغم كل ما تهدم داخله، ومع الوقت تحول المنزل إلى ساحة خوف، حيث كنت أخبئ أطفالي في غرفة مغلقة أثناء نوبات غضبه، وأحياناً نضطر جميعاً للاختباء في دورة المياه لساعات، إلى أن بلغت الخطورة ذروتها حين صار يتعاطى أمامهم، وقالت لي ابنتي ذات مرة بينما أنا عائدة من العمل: بابا يضع حبة في العصير وتجعله قوياً. حينها أدركت أن بقاءه خطر على مستقبلهم، وأن الصمت لم يعد خياراً».

وبينت أنها لم تطلب الطلاق لأنها أرادت الهروب من واقع زوجها، بل كان السبيل الوحيد لحماية أطفالها، مشيرة إلى أن الإدمان مرض، ومن يستجب للعلاج قد يشفى، لكن طليقها أغلق كل الأبواب، فأصبح الحزم واجباً لتؤمن مستقبل أبناءها النفسي والجسدي.

وبعد مرور 13 عاماً لاتزال آثار تلك السنوات حاضرة في نفسية أبنائها، إذ تخضع ابنتها للعلاج النفسي حتى الآن، موجهة رسالة لكل زوجة تعيش حالياً ما عاشته هي: «جربوا كل سبل العلاج، لكن لا تجعلوا الأطفال يدفعون ثمن الإدمان».

الأم:

• الطلاق كان السبيل الوحيد لحماية أطفالي، فقد أغلق الأبواب وأصبح الحزم واجباً.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: «أمٌّ» تواصل علاج أبنائها من الآثار النفسية لأب مدمن - تليجراف الخليج اليوم الخميس 11 سبتمبر 2025 11:50 مساءً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق