متابعات- تليجراف الخليج

شهدت أسواق الصرف الموازي في السودان اليوم الأربعاء استقرارًا نسبيًا في أسعار العملات الأجنبية، وذلك بعد موجة ارتفاعات قياسية أمس الثلاثاء، حيث بلغ سعر الدولار الأمريكي أعلى مستوى تاريخي مقابل الجنيه السوداني في ظل استمرار التدهور الاقتصادي الناجم عن الحرب الدائرة منذ أبريل 2023.

الدولار يقفز بنسبة 539% منذ اندلاع الحرب

بلغ سعر بيع الدولار الأمريكي اليوم 3580 جنيهًا مقارنة بـ560 جنيهًا ليلة اندلاع الحرب، ما يعكس زيادة بنسبة 539% خلال نحو 30 شهرًا. كما استقر سعر الشراء عند 3500 جنيه بعد أن سجل 3450 جنيهًا أول أمس. هذه الأرقام تعكس سرعة الانهيار وتراجع الثقة بالعملة المحلية.

أسعار العملات الأجنبية في السوق الموازي

سجلت أسعار العملات الأجنبية الأخرى ارتفاعات متفاوتة اليوم، حيث بلغ سعر الريال السعودي 954.666 جنيهًا بزيادة 2.29% عن أول أمس. وصعد الدرهم الإماراتي إلى 975.476 جنيهًا بنسبة 2.28%. كما ارتفع الجنيه المصري إلى 74.320 جنيهًا بزيادة 3.03%، بينما صعد اليورو إلى 4211.764 جنيهًا بزيادة 3.49%. وبلغ الجنيه الإسترليني 4837.837 جنيهًا بزيادة 2.29%، فيما سجل الريال القطري 983.516 جنيهًا بزيادة 2.57%.

أسعار الدولار في البنوك السودانية

أما في البنوك التجارية، فقد سجلت أسعار الدولار الأمريكي تفاوتًا بين التحويلات والمعاملات النقدية، إذ تواصل البنوك السودانية التحديث اليومي لأسعارها تماشيًا مع السوق الموازي، فيما أظهرت بيانات البنوك مثل بنك الخرطوم، بنك العمال الوطني، بنك فيصل، بنك النيل، البنك السوداني السعودي، وبنك الجزيرة السوداني الأردني مستويات متقاربة مع أسعار السوق الأسود.

أسباب الانهيار المتسارع للجنيه السوداني

التدهور المتسارع للجنيه السوداني يعود إلى مجموعة من الأسباب، أبرزها تراجع الصادرات، انخفاض الدخل القومي، وزيادة الواردات بما يفاقم عجز الميزان التجاري. كما لعبت عمليات تهريب الأموال ونقص احتياطي النقد الأجنبي دورًا بارزًا في أزمة العملة، بالتوازي مع تزايد الطلب على الدولار وتراجع الثقة في الجنيه.

ضغوط الإنفاق العسكري على الاقتصاد

خصصت الحكومة السودانية نسبة كبيرة من الميزانية لدعم الجيش واستيراد الوقود، وهو ما شكل ضغطًا إضافيًا على الموارد العامة وأدى إلى تراجع الإنفاق على قطاعات الإنتاج والخدمات. ومع تصاعد الحرب، تضررت قطاعات حيوية كالمعادن والزراعة والثروة الحيوانية، مما أدى إلى خسارة مصادر دخل أجنبي مهمة.

تحذيرات من تضخم وفقر غير مسبوق

يحذر خبراء الاقتصاد من أن استمرار الوضع الحالي قد يقود إلى مزيد من الانخفاض في قيمة الجنيه السوداني، مع ارتفاع معدلات التضخم وتفاقم نسب الفقر. كما أن توقف تحويلات السودانيين بالخارج وتراجع الإيرادات الضريبية والجمركية يزيد من تعقيد الأزمة الاقتصادية.

غياب الاستقرار يهدد أي تعافٍ اقتصادي

في ظل غياب حلول سياسية وأمنية، فإن فرص التعافي الاقتصادي تظل محدودة للغاية، حيث يتوقع مراقبون استمرار الضغوط على الجنيه وتذبذب أسعار العملات. ويرون أن استقرار السوق الموازي اليوم ليس إلا انعكاسًا لتقلبات ظرفية قابلة للتغير في أي لحظة ما لم تُعالج جذور الأزمة.

جدول أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني

ملامح مستقبل غامض للاقتصاد السوداني

مع استمرار الحرب وغياب مؤشرات الانفراج، تبقى أسعار الصرف مرشحة لمزيد من الاضطراب، فيما يواجه المواطن السوداني أزمات معيشية خانقة بسبب انهيار القوة الشرائية للجنيه وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق.