المرحلة الانتقالية في سوريا .. العدالة والحقوق والإعلام بين الفوضى والأمل - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: المرحلة الانتقالية في سوريا .. العدالة والحقوق والإعلام بين الفوضى والأمل - تليجراف الخليج اليوم الأحد 21 سبتمبر 2025 02:40 مساءً

تليجراف الخليج - ناقشت الجلسة الختاميّة التي عقدت ضمن فعاليات ملتقى مستقبل الإعلام والاتصال الذي بدأ أعماله اليوم، ملف "سوريا وأسئلة المستقبل.. تحديات.. ورهانات.. وقصص النجاح".

وتحدث في الجلسة التي أدار النقاش فيها الإعلامية سونيا الوافي، كل من مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، ورئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير مازن درويش، ومستشار مجموعة فضاءات ميديا أنس أزرق، ومدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المفوضية السامية لحقوق الإنسان محمد النسور.

وتطرق المتحدثون إلى الحالة الحقوقية في سوريا اليوم والمرحلة الانتقالية التي تشهدها البلاد، وطرحت في بدايتها السؤال الأهم في هذه الفترة على المستوى السوري والذي يتمثل في "كيف تبدو الحالة الحقوقية في سوريا اليوم؟"

بدوره، قال مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، أن الحديث الحاليَّ هو عن المرحلة الانتقالية في سوريا والشرعية الثورية التي تمر بها اليوم وكيفيّة الانتقال لتعددية سياسية تبتعد عن السلطة الثورية، مبينًا أن سوريا مكونة من طوائف وأعراق يُنظر لها كعناصر من المجتمع السوري وليس ديانات. مؤكدًا أن المرحلة الانتقاليّة يجب أن تبني على عدالة انتقالية، منوهًا أنَّ هذا المسار لم يسير في هذه الطريقة للان.
ولفت إلى وجود مؤشراتٍ جيّدة للحالة الحقوقيّة في سوريا غير أن التفاصيل معقدة وهنالك، قائلًا إنَّ هناك مؤشرات ايجابية يجب ان نبني عليها ونحسنها، بين السلطة والمجتمع. مضيفًا أنَّ الأهم هو رؤية الحكومة بالمرحلة الانتقالية في سوريا، وأن المجتمع المدني السوري تم تسييسه بطريقة يستطيع بها أن يدافع عن حقوقه وهذا بفعل الثورة السورية.
ويذكر عبد الغني أن هنالك محاسبة لسوريا لهذا السياق بالرغم من أن وضع المؤسسات السورية متهالكة، وهنالك تحديات اسطورية، ومسؤولية دور يقع على المجتمع المدني السورية ودور كبير على المجتمع الدولي إذ أن دعمه محدود ومتراجع خاصة للامم المتحدة.
وبين عبد الغني أن هناك مؤشرات إيجابية جيدة لكن يجب العمل أكثر في ظل وجود مساحات واسعة للعمل، والمجتمع السوري يعاني من حالة تصحر دون أحزاب وسياسات وانتخابات ويجب البناء من الآن وصنعه بجهود وضغط. مضيفًا أن هنالك العديد من القضايا المعقدة، و خبرات محدودة في سورية وتحتاج الى تدريب ودعم مالي لضبط هذّه المؤسسات.

وقال رئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير مازن درويش إنَّ سوريا تشهد منذ أكثر من أربعة عشر عامًا سلسلة من الانقسامات الداخلية التي عمّقت هشاشة الوضع السياسي والاجتماعي، تسيطر الحكومة على أجزاء من البلاد، بينما تبقى مساحات واسعة خارج سيطرتها.
وأوضح أن الواقع في النظام السابق أتاح الاستفادة من حالة الضعف والانقسام المستمرة، في ظل حضور جماعات متطرفة مثل تنظيم داعش، ما جعل البلاد ساحة لتعدد أشكال الصراع. مبينًا أنَّ التحديات الكبرى في استمرار النزاعات التي يتحمل النظام السوري المسؤولية الأكبر عنها، إضافة إلى انهيار البنية التحتية وتراجع التعليم والخدمات الأساسية.
ورغم هذا المشهد، يرى درويش أن هناك فرصة أمام المواطن السوري لإعادة صياغة المواطنة، والعيش في دوره، والمطالبة بمستقبل أكثر استقرارًا خلال السنوات المقبلة، إذا ما توفرت الإرادة والظروف السياسية الملائمة.
وتحدث مستشار مجموعة فضاءات ميديا أنس أزرق بأن وضع الإعلام مثل باقي القطاعات والمجالات في سوريا فيه فوضى عارمة، قائلًا إنه ما دام نظام الأسد سقط فلا يجب أن ننتظر معجزات بعد بل يجب العمل أكثر والتطور، لأن ما حدث في سوريا كبير والتحديات أكبر.
وأوضح ضرورة الانتقال من خطاب تحريضي تقسيمي اعتاده النظام السابق إلى خطاب وطني جامع، ويجب الانتقال إلى إعلام صادق، والتحول من خطاب مؤثرين وناشطين إلى خطاب مهنيين، ومن إعلام فصائل إلى إعلام سلطة، لا سيما وأن الرأي الذي كان موجود سابقاً مضلل.
وأشار أزرق إلى ان المشكلة كانت في أن السلطات الجديدة ومنظمات المجتمع المدني رفعت سقف توقعات السوريين بما يمكن انجازه في فترة محدودة جدا وهذا كان مخالفا للواقع وهو ما تسبب بالتخبط والتسرع، على حدّ تعبيره.
ولفت إلى أن الوعي حول المعلومة وحرية تداولها أصبح اليوم أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، معتبرًا أن المقارنة بين الواقع الحالي والمرحلة السابقة "في عهد الأسد" ليست واردة، إذ أن المشهد الإعلامي اليوم مختلف تماما ويضع على عاتق الإعلاميين والفاعلين مسؤولية مضاعفة للاجتهاد والعمل بشكل أكبر.
وأوضح أزرق وجود حالة من الفوضى في المشهد الإعلامي السوري والعربي عمومًا، نتيجة غياب الضوابط وضعف التشريعات الضامنة لـ حرية التعبير، ما يفرض على المؤسسات الإعلامية والمبادرات المستقلة بذل جهد استثنائي لتقديم خطاب موضوعي وشفاف يلامس اهتمامات الناس.
وأكد أن المستقبل ما يزال مفتوحا أمام محاولات جادة لتأسيس إعلام حر ومسؤول رغم التحديات السياسية والاقتصادية، وبين أن بناء وعي مجتمعي حقيقي حول قيمة المعلومة والقدرة على التمييز بين الأخبار المضللة والحقائق سيكون أحد المفاتيح الرئيسية لعبور سوريا إلى مرحلة جديدة من التنمية والاستقرار حيث يصبح الإعلام شريكا أساسيا في عملية الإصلاح والتغيير.

وبدوره أوضح مدير الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المفوضية السامية لحقوق الإنسان محمد النسور، أن الامم المتحدة تراقب المسار السوري عن كثب، مبينًا أن سوريا مرت بـ 45 عاما من نظام الحزب الواحد و أنَّ الامم المتحدة لديها سوء فهم كبير حصل في سوريا مبنية على الشرعية السورية وأزمة الثقة بينهم، منوهًا أنهم قد يكونون الآن في مسارهم الصحيح، قائلًا "سمح للأمم المتحدة بالعودة إلى سوريا واليوم نحن داخل دمشق بعد سنوات من الانقطاع".
ويذكر النسور أنه لابد من الانتباه للموضوع الحقوقي والانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها سوريا ويجب ان يكون في الحكومة اليوم إعادة تأهيل للقضاء والأمن وإعادة هيكلة هذه الأجهزة.
فيما قال إن الكثير يمكن أن تقدمه الأمم المتحدة، فقد قدمت خطة عمل للمرحلة الانتقالية وللبناء ومساعدة المجتمع المدني، إضافة إلى ضرورة وجود منصب رئيس وزراء ووزارات ومؤسسات فاعلة، لا سيما وأن التفاعل كبير من بعض الوزارات مثل وزارة الصحة لكن الباقي بحاجة إلى عمل أكبر.
وأوضح النسور أن هناك عدم فهم سليم للأولويات خاصة وأن المرحلة الحالية صعبة ويجب تمكين أجهزة الدولة، ودمج الخبرات والكفاءات السورية حتى الموجودة خارج سوريا، لأن المركزية الموجودة تبطأ التطور.
وبدأت اليوم فعاليات الملتقى في دورته الثالثة بمشاركة أكثر من 750 إعلاميًا وإعلامية وناشطًا وصانع محتوى وخبيرًا إلى جانب ممثلين عن مؤسسات دولية من مختلف أنحاء العالم.
الملتقى الذي أطلقه مركز حماية وحرية الصحفيين قبل عامين، يطرح هذا العام عبر جلساته الممتدة على مدار يومين قضايا محورية تتعلق بحماية الصحفيين وواقع الحريات الإعلامية، إلى جانب التحديات التي تواجه المهنة في ظل النزاعات والأزمات. كما يناقش سبل بناء القدرات والاحتراف المهني في زمن أصبحت فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي جزءًا رئيسيًا من صناعة الإعلام، فضلًا عن قراءة تحولات المشهد السياسي في المنطقة وانعكاساتها على الساحة الإعلامية.


نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.