نتنياهو يعترف بالهزيمة والسقوط #عاجل - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: نتنياهو يعترف بالهزيمة والسقوط #عاجل - تليجراف الخليج اليوم السبت الموافق 20 سبتمبر 2025 04:25 مساءً

كتب  م. زياد زكريا

يفرحني خطاب نتنياهو الآخير ويثلج صدري ، لم يكن خطاباً شعبوياً لإستقطاب مجاميع جدد ، لم يكن خطاباً تشجيعياً لصهاينته ، لم يكن خطاب تكرار شروط إنهاء الحرب على غزة ، بل كان خطاباً يمثل خطة طريق لإنهاء دولة إسرائيل وإعتراف علني بالهزيمة وإنهيار الأحلام على كافة الأصعدة الإقتصادية والإجتماعية وحتى العسكرية ، خطاب المهزوم والهزيمة الشاملة ، إختفت شروط إعادة الأسرى وإجتثاث حماس ونفي قادتها ، إختفى الشرق الأوسط الجديد وإختفى معه "مكان تحت الشمس" ، ولم يستطع أن يدعي بمكان تحت القمر الوحيد لكوكبنا ، أو حتى بمكان تحت الزهرة ، إختفت العنجهية والفوقية والعظمة الزائفة وإختفى معها شعب الله المختار ليتحول فجأة إلى شعب الله المحتار ، كما إختفى شعار "من النيل إلى الفرات" وتقزمت الأحلام من الإستيلاء على الشرق الأوسط إلى المحافظة على بقاء دولته بما لا يزيد عن دولة مدينة (City State) ، وهو ما يظهر واضحاً عندما نلتقط الإشارات التي تضمنها خطابه ومعناها الأعمق من مجرد التبجح المعتاد ، وهي إشارات واضحة وضوح الشمس وإعتراف بالحقيقة التي تشكل العدو الأساسي لفكرة الصهيونية وها هو رئيس وزرائهم يصدح بها؛

·ماذا يعني أن يشبه دولته بإسبارطة ؟ يعني أن توجه الدولة جميع طاقاتها لعسكرة موجودة فعلياً وتمثل الأساس الذي بنيت عليه الدولة ، يعني العجز عن الإستمرار بالحروب والعدوان ، يعني جيش ساقط لم يعد لديه ما يبقيه واقفاً على قدميه ، يعني المصير المحتوم من موت الرجال وترمل النساء وتيتم الأطفال ، يعني دعوة الشباب في سن التجنيد للهروب بجلدهم من الموت المحتم والبحث عن مكان آمن لا يتعرضون فيه للموت والتحول إلى حطب لنار الأيدلوجية المنبثقة من تاريخ مزيف وتلمود عنصري بغيض ، تعني أن نتنياهو يشهر بمقاربته سلاحاً جديداً ضد جماهيره من المستوطنين في تعميق واضح للأزمة التي يعيشها الكيان ، يعني أن نهاية إسرائيل ستكون كنهاية إسبارطة في معركة ليوكترا عام 371 ق.م. ، يعني أن تقترب إسرائيل من نهايتها الحتمية ليتحول ما يتبقى منها إلى جزءاً عادياً من محيطها ، تماماً كما إنتهت إليه إسبارطة على يد جيرانها بعد التدهور التدريجي الذي أدت إليه العوامل الداخلية والخارجية في عملية تراكمية يرزح تحتها الكيان الصهيوني الذي لم يتعظ القائمون عليه بدروس وعبر التاريخ ، وتحديدأ تاريخ إسبارطة التي يتغنى بها النتن ياهو .

·ماذا يعني التركيز على إسبارطة دون أثينا ؟ يعني التخلي عن المبادئ والقيم والأخلاق والديمقراطية "الوحيدة في الشرق الأوسط" وجميع الإنجازات الحضارية والعلمية المتراكمة عبر التاريخ ، يعني التخلي عن العلم وعن أي ميراث عالمي يمكن أن يقدمه "شعب الله المختار" ، يعني الإنعزال عن بقية شعوب العالم وعن التفاعل معها لتحقيق إنجازات حقيقية ، وذلك لصالح جيش وعدوان مستمر، وذلك حاصل فعليا في تصرف دفاعي (Defensive) مضاد لإنكشاف أعمالهم القذرة وحالة التقزز التي تنتاب شعوب العالم حالياً من كل ما له علاقة بإسرائيل بعد أن أظهرت الصهيونية زيف الديمقراطية التي تدعيها عندما نادت بوطن قومي لليهود نقي العنصر واليوم يؤكد نتنياهو على ذلك.

·ماذا يعني الدعوة إلى الإعتماد على النفس في صناعة السلاح ؟ يعني أن المقاطعة العالمية تنجح وتنمو وتزدهر مهما حاول داعمو إسرائيل وأذنابهم إنعاش هذ الدولة بالتنفس الصناعي وبمزيد من الدولارات ، يعني تحويل الدولة إلى إقتصاد حرب لا يفيد أحداً سوى شركات تصنيع السلاح ، يعني توقف رجال الأعمال العاديين عن الكسب والصفقات والعمولات ، يعني ضرب العقيدة اليهودية التي تتجاوز العقائد التوراتية وهي حب المال وعبادة الذهب والعمولات وهو ما يطبع الشخصية اليهودية عبر التاريخ، يعني وداعاً للإقتصاد الحر وأهلاً بالتكيف مع الإقتصاد العسكري المصمم لملائمة الإحتياجات الدفاعية ، يعني وداعاً لدولة الرفاهية والإزدهار الموعود، ويعني وداعاً للإنخراط في السوق العالمي ووداعاً لقوى الجذب التي إستخدمتها الصهيونية لتجميع شتات الأرض في هذه البقعة المحدودة من العالم.

هذه القراءة ليست مقصورة على كاتب المقال فالكل يقرأ ويحلل فقد إنخفضت الأسهم في بورصة تل أبيب بما يزيد عن 4% منذ بداية هذا الشهر فقط في نتيجة مباشرة وفورية لخطاب نتنياهو.

يخطئ من يظن أن عدم موافقة نتنياهو على وقف الحرب عائدة إلى محاولته الحفاظ على حكومته فقط ورضوخاً لشركاءه في الحكومة من ما يسمى اليمين المتطرف ، فكل هذا مجرد أثر جانبي لأن دوافعه الحقيقية متأصلة في محاولته المحافظة على إستمرارية أيديولوجيته التي ينادي بها منذ عام 1992 والتي نشرها في كتابه المعروف وتحدث عنها مراراً وتكراراً محاولاً تحقيقها بأي وسيلة ممكنة حتى لو قتل كافة الأسرى الصهاينة وأتبعهم بعدد مماثل من الجنود وعدد آخر مما يسمى زوراً مدنيين، وهذه الآيديولوجية لا يهمها من يعيش ومن يموت من بني جلدته وستكون المساهم الأكبر في زوال دولة إسرائيل من الوجود.

لذا ، نقول لقطعان المستوطنين من الشباب ، حتى لو ولدوا في فلسطين المحتلة ، أهربوا الآن قبل فوات الأوان فهذه فرصتكم للنجاة والحياة قبل أن تقضي عليكم دولتكم أولاً وقبل أن يقضي عليكم أعداءكم ، ونقول للإقتصاديين عبدة الذهب إرحلوا الآن من هذه الأرض التي لن تعطيكم لبناً ولا عسلاً ، ونقول للعلماء والفنيين الباحثين عن الإنجازات العلمية إرحلوا الآن فلن يكون نصيبكم منها سوى المشاركة في الإبادة والمثول أمام المحاكم الدولية في جرائم الحرب ولعنة التاريخ الأبدية ، إرحلوا جميعاً فهذه الأرض لنا ولن تكون إلا لنا ، من النهر إلى البحر.

ونقول أيضاً؛ من يريد أن يتفادى النتيجة الحتمية ومزابل التاريخ فليرفض الصهيونية ويعيش مع أهل الأرض الحقيقيين في دولة تمنح حقوقاً متساوية لكافة أفراد شعبها دون تهجير ودون لجوء ودون قهر ، وإلا فكلكم سواء وكلكم نتنياهويات ولن يكون نصيبكم من هذه الأرض سوى الشقاء والفناء ، وإن غداً لناظره قريب.

نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.