نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: القضية الفلسطينية: بين تراجع الدعم العربي وصعود الرأي العالمي - تليجراف الخليج اليوم الثلاثاء الموافق 9 سبتمبر 2025 02:35 مساءً
لم تعد القضية الفلسطينية اليوم كما كانت في الماضي، محورًا رئيسيًا في الخطاب العربي والإقليمي، بل أصبحت على الهامش، بعد أن تراجع حضورها تدريجيًا من الأولويات السياسية. هذا التراجع لم يقف عند حدود الإهمال، بل تجاوزه إلى مواقف أخطر، حيث انحازت بعض الدول إلى رواية الاحتلال نفسه، سواء عبر المواقف المعلنة في المؤسسات الدولية، أو من خلال الدعم الاقتصادي والسياسي غير المباشر، وبذلك، تحولت القضية من قضية إجماع عربي إلى عبء يسعى البعض للتخلص منه.
وقد جاء ما سمي بـ "إعلان نيويورك" ليؤكد هذا الواقع المرير؛ فبدلًا من المطالبة بإنهاء الاحتلال، حمل الإعلان مطلبًا صادمًا هو نزع سلاح المقاومة الفلسطينية، أي تجريد الشعب من وسيلته الوحيدة للدفاع عن نفسه. هذه الدعوة، المغلفة بخطاب "السلام وحل الدولتين"، لا تعكس سوى محاولة جديدة لتفريغ القضية من مضمونها، والتعامل مع الفلسطينيين باعتبارهم المشكلة، لا كونهم ضحية احتلال ممتد منذ عقود.
على مدار السنوات الماضية، لم نشهد أي خطوة عربية جدية لدعم الفلسطينيين. لا قرارات بقطع علاقات مع الاحتلال، ولا مبادرات لوقف التبادل التجاري، ولا حتى إتاحة المجال للشعوب للتعبير عن تضامنها الطبيعي عبر المظاهرات أو الفعاليات الشعبية. بل إن بعض الدول شددت القيود على أي شكل من أشكال التضامن، في وقت كانت فيه العواصم الغربية تمتلئ بملايين المتظاهرين نصرة لغزة.
وجاءت معركة "طوفان الأقصى" في أكتوبر 2023 لتضع الجميع أمام الحقيقة. فقد كشف الحدث عن عجز المواقف الرسمية العربية، وصمتها المطبق، مقابل شجاعة غير مسبوقة أظهرها الشعب الفلسطيني. ومع ذلك، كان لهذا التحول جانب آخر بالغ الأهمية، إذ لم تعد القضية الفلسطينية مجرد ملف عربي أو إسلامي، بل تحولت إلى قضية رأي عام عالمي، أثارت اهتمام الشعوب في الشرق والغرب، وأجبرت الحكومات على إعادة النظر في خطابها تجاه الصراع.
اليوم، يقف الفلسطينيون أمام تحدٍ مزدوج: مواجهة احتلال يمتلك كل أدوات القوة والدعم الغربي غير المحدود، من جهة، والتعامل مع محيط عربي رسمي يبدو متخليًا عنهم من جهة أخرى. لكن التجربة أثبتت أن قوة الشعب الفلسطيني تكمن في وحدته وإصراره، وأن إرادته قادرة على فرض معادلات جديدة على الأرض، حتى من دون سند خارجي.
إن ما يعيشه العالم الآن هو لحظة فارقة، حيث تتلاقى صلابة الموقف الفلسطيني مع صحوة الضمير الإنساني العالمي. ومن هنا، فإن الرهان الأكبر ليس على مبادرات شكلية أو بيانات دبلوماسية، بل على استمرار المقاومة والنضال، باعتبارهما السبيل الوحيد للحفاظ على القضية حيّة، وتوريثها كأمانة للأجيال المقبلة.
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق