نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: كيف نحمي الأردن من تقلبات الإقليم ؟ - تليجراف الخليج اليوم الجمعة الموافق 5 سبتمبر 2025 08:29 مساءً
لازلنا نعيش مخاض حرب الطوفان ومتتالياته التي لعبت بإعدادات منطقة الشرق الأوسط ، خلال هذه الفترة تراجعت قوى ، وتقدمت أخرى، وضعفت قوى، وقويت أخرى، ولكن المخيف بعد كل ما جرى هو التوحش الاسرائيلي الذي يدير حرب الابادة والتجويع في غزة دون رادع دولي ولا عربي أو اقليمي، فبالرغم من فشله الذريع في تحقيق نصر عسكري حاسم بسبب ثبات وصبر المقا ومة إلا أنه يصول ويجول دون وجل بسبب الدعم الامريكي الكبير الذي حظي به .
بذات الوقت الذي يستمر به العدوان الإسرائيلي على غزة، قام بشن حرب على حزب الله في جنوب لبنان، وحرب أخرى على ايران ذاتها بعد مناوشات مع أذرعها في المنطقة سواء في سوريا قبل سقوط نظام بشار أو في العراق وكذاك في اليمن.
لم تقف الأمور عند هذا الحد، بل تبعها تصفية لمقدرات الجيش السوري اثناء سقوط النظام وخاصة ما يتعلق بالسلاح الثقيل والدفاعات الجوية وتدميرها بشكل كامل ، مع التوغل في الجولان وجبل الشيخ، ودعم النزعة الانفصالية للدروز في السويداء، واعلانها رغبتها بجعل جنوب سوريا منطقة منزوعة السلاح ، وتأسيس ما يسمى "ممر داوود" ليصل الى المناطق الكردية التي تربطها هي الأخرى علاقات تعاون.
في لبنان بعد اتفاق وقف إطلاق النار، وخسارة القيادات المهمة لحزب الله بدأ الضغط من قبل الحكومة اللبنانية على الحزب لتسليم سلاحه مدفوعا بضغط إقليمي ودولي كبيرين، الأمر الذي أدى الى حالة استقطاب حاد بين القوى اللبنانية، حتى وصل الأمر الى التلويح بالدخول في حرب أهلية جديدة.
سوريا الجديدة ليست بأحسن حال في ظل التدخلات الاسرائيلية السافرة، وقصفها محيط القصر الرئاسي وقلب دمشق، سوريا الجديدة تحاول التقاط الأنفاس والتأسيس لمرحلة النهوض، و تعمل جاهدة الاستعانة بالدول العربية وتركيا، وتفتح ما أمكن العلاقات مع أمريكا والدول الأوروبية، وتفاوض " اسرائيل" على المستوى الأمني، وتحاول من خلال كل ذلك أن تعيد إدماج نفسها في سياق المشهد السياسي الاقليمي و الدولي، من خلال براغماتية عالية يقدمها النظام السوري الجديد.
الحالة العامة في الاقليم بالنسبة للاردن غير مريح، لم تكن سابقا ، وليس من المتوقع على المدى المنظور أن تكون مريحة، والسبب الرئيسي يعود لسلوك دولة الاحتلال الإسرائيلي، ومغامرات نتنياهو ويمينه المتطرف، الذي يعبث بأمن المنطقة واستقرارها، مستغلا ما جرى في السابع من أكتوبر للقيام اولاً وقبل كل شئ بحسم الصراع على مستوى القضية الفلسطينية، وانهائها تماما.
وهنا تحديدا نتحدث عن الإجراءات الإسرائيلية بضم الأرض، وتهجير سكانها، وفق خطط معدّة ومدروسة.
لماذا نحن في الأردن جميعا متفاجئون نخباً وسياسيين وصنّاع قرار ؟؟!!
مَن يعرف الف باء السياسة يدرك منذ سنوات أن أوسلو ولدت ميتة، وأن سلطة رام الله لن تتطور الى دولة، وأن معسكر اليسار والعلمانية الاسرائيلي تبخر، وأن اليمينية والشعبوية تشهد صعوداً منذ عدة سنوات، ليس في " اسرائيل " فحسب، بل وفي محاضن الدعم العالمي للكيان، وأولها في واشنطن، ثم في اوروبا.
موازين القوى العالمية يحدث فيها انزياحات، ولكنها ببطئة، الصين وروسيا ومعها كوريا الشمالية لم تكسر بعد حالة أحادية القطبية العالمية التي تتمتع بها الولايات المتحدة، لا عسكرياً، ولا حتى اقتصاديا، بالرغم من محاولة التطور واللحاق. وإلى حين تعديل موازين القوى بطريقة يمكن الاستفادة منها، سيأخذ ذلك وقتاً طويلاً، والأحداث متسارعة تسبقنا جميعاً.
أما على صعيد الدول العربية فهي منقسمة، وبالأصح متنافسة ومتناحرة، بل ويكيد بعضها لبعض، هناك دول غنية همها نفسها فقط، واهتماماتها اقتصادية وتنموية، وفي أحسن الأحوال دفاعية ليس أكثر، ودول عربية أخرى محايدة، خارج التأثّر والتأثير، وأخرى حُيّدت بفعل واقعها الداخلي الممزّق، وانقساماتها الطائفية والعرقية، والقسم الأخير ضعيف اقتصادياً، ويعاني من استقطابات الإقليم وتردي حالته، والأردن من هذا الصنف الأخير.
ماذا يمكن أن نفعل لنحفظ الذات الاردنية دولة وكياناً ونظاماً من تقلبات الإقليم وتداعيات صراعاته؟
هذا هو السؤال الأهم في خضم تطورات الإقليم المتلاحقة، وسُعار نتنياهو ويمينه التلمودي المتطرف.
نحتاج لكثير من الحذر ، وقليل من الانفعال، ومزيد من الثقة، وفائض من الايمان بالذات، و جديّة في العمل على أساس رؤية واضحة، وبإجماع وطني على برنامج يعرف به كل طيف سياسي واجتماعي دوره ومهمامه، لا يجوز الزج بالاردن في صراعات الاقليم خاصة مع قرب تجدد الحرب مع ايران، والتوتر المتصاعد بين "اسرائيل" وتركيا، هناك المسألة الكردية التي تعتبر صاعق تفجير في تلك العلاقة المتوترة، بالاضافة للتدخل السئ لدولة الكيان في سوريا واستقرارها.
المرحلة التي نمر فيها صعبة، والمرحلة القادمة دقيقة و أشد صعوبة، ولا تبشر بخير كما ذكر سمو الأمير الحسن قبل أيام.
بالخلاصة ما نحتاجه جميعا هو التفكير بعقل وطني جمعي بارد، يقدم الصالح العام، وينكر الذات.
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق