نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: متى يحلّ غضب الرب على أميركا؟ - تليجراف الخليج اليوم الخميس الموافق 4 سبتمبر 2025 07:45 مساءً
كتب حلمي الأسمر *
لا يبدو في الأفق، لا القريب ولا المتوسّط، أي بارقة أمل على انتهاء العدوان على غزّة خصوصاً وفلسطين عموماً، قيادة الكيان المهووسة بنبوءات التوراة وسَكْرى بالدعم الأميركي غير المحدود ولا المشروط، ستستمر في مغامراتها المجنونة، من دون أن تلقي بالاً لأي أصوات عاقلة تنطلق بين حين وآخر ممن بقوا من عقلاء الصهاينة، مجتمع مهووس مجنون، جله محكوم بعقيدة التفوّق العرقي والتفويض الإلهي التوراتي، ينجرف نحو المضيّ حتّى آخر جندي صهيوني وآخر طفل فلسطيني، وربما عربي ومسلم أيضاً، لتحقيق نبوءاتٍ وطموحاتٍ تبدو فيها رائحة واقعية خفيفة جداً، لكنها مجبولة بوعود توراتية ترقى إلى درجة اليقين في المخيال الجمعي اليهودي، وتجد هذه الأحلام والأوهام دعماً وتبنّياً غير قابلين للتأويل من مجتمع أميركا الإنجيلي، حيث يقول قائلهم، وهو السيناتور ليندسي غراهام إنّ إسرائيل تقاتل من أجل البشرية جمعاء، وعلى الولايات المتحدة تقديم كل العون لها. ويقول في مناسبة أخرى إنّ على إسرائيل ضرب غزّة بقنبلة نووية "كما فعلنا في هيروشيما وناغازاكي"، ويقول في خطاب أمام مؤيدين للحزب الجمهوري من الجماعات الإنجيلية في ولاية كارولينا الجنوبية: "دعم إسرائيل ليس خياراً سياسياً، بل مسؤولية أخلاقية ودينية. إذا سحبت أميركا دعمها عنها، فسيسحب الرب رحمته عنا. ولن نسمح بذلك".
لو قال مثل هذا الكلام برلماني أو سياسي عربي لاتُّهم بالجنون والتطرّف و"الداعشية". أمّا هم في المعسكر الآخر فلهم أن يغرفوا من "معتقداتهم" ما يشاؤون، ويلقونها في وجوهنا، ولن تجد سياسّاً عربياً واحداً في موقع المسؤولية يجرُؤ على الرد عليهم، ولم بكلمة "إدانة" أو شجب".
كيان العدو ماضٍ في عدوانه، ولن يهدأ له بال، إلّا حين يرى "الراية البيضاء" مرفوعة من فتحة نفقٍ في غزّة، وتلك لحظة مستحيلة، لن يحظى بها، وهذا يعني أن الحرب مستمرّة إلى مدى لا يعلمه إلا الله. أما تلك المحاولات البائسة التي تتحدّث عن حلول ومخططات لسيناريوهات تجسّد "استسلام" المقاومة، وتطليها بألوان سياسية خادعة، فمصيرُها تحدّده أقدام مقاتلي كتائب الشهيد عز الدين القسّام العارية التي نراها بين حين وآخر في فيديوهات تبثّها "حماس"، ويراها بعضنا "شعبوية"، يرفضون بثها والتعامل معها من حيث "المبدأ".
حين يتحدّث أحدُ منا عن وعود الله عزّ وجل للمجاهدين في سبيله بالنصر، ترى شفاه "الواقعيين" في معسكرنا تتحرّك متعجبّة رافضة، وربما "مُسخِّفة" لهذا الطرح "الطوباوي" باعتباره طرحاً غيبياً مجنّحاً، فالخطاب الديني غَدا في بلادنا العربية والإسلامية "إنشائيّاً" منفصلاً عن "الواقع"، أما حين يتحدّثون "هم" في الطرف الآخر بالروحية نفسها، فلا تكاد تسمع صوتاً لأولئك الواقعيين (!) العرب. أكثر من هذا تجد كثيرين منهم ممن يرتدون مسوح "العقلانية" والواقعية الكاذبة، ينهشون لحم المقاومة تصريحاً أو تلميحاً، باعتبارها فعلاً "انتحاريّاً" مسكوناً بأحلام دينية "متطرّفة"، وتسمعهم يتحدّثون بلغة الفاهم العالِم بحكمةٍ بأثرٍ رجعي. وبدلاً من إلقاء اللوم على المعتدي، بدأ كثيرون منهم يدينون قرار كتائب القسّام "المتهوّر" بقيامها بهجوم 7 أكتوبر (2023)، بوصفه قراراً "غير مدروس"، ولم يحسب حساب ردة الفعل المتوحشة للكيان ومَن وراءَه من الصهاينة؛ عرباً وعجماً، بل إنّ بعضاً من هؤلاء "فرح" بزعم العدو اغتيال الناطق باسم كتائب القسّام "إبي عبيدة" أكثر مما فرح الصهاينة.
إلى هذا وذاك، ترى أنّ بعض تشريعات العرب وبرامجهم الرسمية تستهدف النص الديني، وتنحيه عن المناهج المدرسية، لصالح نصوص وخطابات تمجّد "السلام" والتعايش بين الشعوب، بل تلاحق كل الآيات والأحاديث النبوية الشريفة التي عن الجهاد، بوصفها "نصوصاً" تحرض على "العنف"، ولا يكاد أحد يتحدّث لا عن مناهج العدو الصهيوني المزروعة بأوهام وترّهات الأرض التي وعد بها "الرب" الشعب المختار، ولا عن دساتير الدول الأوروبية التي تنصّ صراحة على مسيحية الدولة وديانتها النصرانية، بل غَدا الخطاب الديني والتنظيمات الدينية في بلاد العرب أطراً "غير شرعية" وتشكيلات "محظورة" ومجرَّمة قانوناً.
لن يسامح الرب أميركا إنْ تخلت عن "إسرائيل" وسيحلّ غضبه عليهم، ماذا عن إلهنا نحن المسلمين، الله عز وجل، هل يمكن أن يسامحنا إن تخلينا عن فلسطين وشعبها؟ أم أن "إلههم" هو غير الله الذي نؤمن به ونعبده ويعدنا بالنصر فقط حين "نعدُّ ما استطعنا من قوّة"، ولم يحدثنا قط عن "توازن القوى" ولا عن "الواقعية" التي تفرض على زعيم سياسي أميركي منتخب أن يحث الكيان على محو غزّة من الوجود بضربها بقنبلة نووية، حتى يرضى "الرب" عنهم؟
(العربي الجديد)
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق