نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: بمداد البحث نكتب مجد الوطن - تليجراف الخليج اليوم الأربعاء الموافق 24 سبتمبر 2025 01:02 مساءً
بمداد البحث نكتب مجد الوطن، ويبني الباحث الأردني حضوره العلمي بالجد والاجتهاد، ويواصل عبر سنوات طويلة من العطاء ترسيخ مكانته بين نخبة العلماء في العالم، ليبرهن أن الأردن قادر على أن يكون شريكًا حقيقيًا في صناعة المعرفة لا مجرد متلقٍ لها. وفي كل عام تزداد أعداد الباحثين الأردنيين الذين يحققون حضورًا بين أفضل ٢٪ عالميًا، وهو إنجاز لا يمكن قراءته في حدود الأرقام وحدها، بل في دلالته على استدامة البحث العلمي وعمق التجربة وتنوع مجالات الإبداع. هؤلاء العلماء يجسدون نموذجًا حيًا على أن المثابرة تثمر أثرًا عابرًا للأجيال، وأن العطاء البحثي يصبح أكثر رسوخًا كلما تعاقبت سنوات الخبرة، فيفتح الطريق أمام الباحثين الجدد لرسم مسارات ابتكارية تقوم على الثقة بالنفس والجدية والانفتاح على آفاق واسعة.
وبناءً على ذلك، تتضح الحاجة اليوم إلى صياغة استراتيجية بحثية وطنية طويلة الأمد، عابرة للأسماء والصفات، وبروح عصرية متجددة. فهي ليست ترفًا فكريًا، بل ضرورة وجودية يفرضها الواقع العلمي والاقتصادي. فالتخطيط الواعي يحدد الأولويات الوطنية ويجعل البحث العلمي مرتبطًا بحاجات الاقتصاد والمجتمع والثقافة، كما يعزز استقرار التشريعات الأكاديمية والبحثية التي تمنح الباحث شعورًا بالثقة وتدفعه للاستثمار في مشروع وطني متكامل. وفي هذا السياق، يجد الباحث في هذا الاستقرار حافزًا ليتجاوز حدود الإنجاز الفردي إلى بناء إرث جماعي، لأن العلم لا يعيش في عزلة وإنما يزدهر في بيئة مؤسساتية راسخة، تنمو حين تتوفر لها بنى تحتية متينة من مختبرات متطورة ومراكز بحثية متخصصة ومعاهد متقدمة تفتح أبوابها أمام جميع الباحثين، فيتشاركون الأدوات والفرص وتتكامل الجهود. وكنتيجة طبيعية يصبح الربط بين البحث والابتكار خطوة حاسمة في تحويل المعرفة إلى قيمة اقتصادية، حيث تتحول الأفكار إلى منتجات، والاختراعات إلى ملكيات فكرية، والتقارير إلى حلول عملية ملموسة تخدم الاقتصاد وتدعم التنمية. وعندها يكتشف الباحث الشاب أن جهده لا يبقى حبرًا على ورق، بل يترجم إلى أثر محسوس في حياة الناس، ويمنحه الدافع لمزيد من الإبداع.
ومن الضروري التأكيد على أن الدعم المستدام هو العمود الفقري لمسيرة البحث، فلا تنقطع المشاريع عند حدود المبادرات المؤقتة، ولا يفقد الباحث الأمل في متابعة أفكاره حتى نهايتها. وحين تتشكل فرق بحثية وطنية تعاونية تضم خبرات متنوعة وتخصصات متكاملة، يتضاعف الأثر وتتسع الآفاق، خصوصًا إذا ارتبطت هذه الفرق بشبكات دولية تمنحها خبرة إضافية وفرصة للتأثير المتبادل. وفي تلك الصورة المضيئة نرى كيف يتحول البحث إلى جسر يربط الأردن بالعالم، ويجعل من الجامعة والمختبر مساحة لقاء بين المحلي والعالمي. ويترسخ بنيان هذا الجسر حين يُنظر إلى المسيرة البحثية بروح إيجابية بعيدة عن النقد غير الموضوعي أو تضخيم السلبيات أو تضييق النظر إلى الجزء الفارغ من كأس البحث والإبداع. صحيح أن التحديات قائمة، لكن التركيز على الإنجازات يمنح الباحثين دافعًا للاستمرار، ويمنح المجتمع الثقة بأن الأردن يسير في الاتجاه الصحيح. وأنا على يقين بأنه حين يرى الباحث أن جهده مقدَّر وأن اسمه جزء من قصة نجاح وطنية، سيزداد التزامه ويعمق أثره ويصبح نموذجًا يلهم الشباب للسير في الدرب ذاته.
وتتجلى اللمسة الفنية في سفر العلم حين نقرأ هذه المسيرة بوصفها لوحة متكاملة، ألوانها من جهد الأفراد، وخطوطها من استراتيجيات وطنية، وإطارها من رؤية تسعى لأن يكون الأردن في قلب الخريطة العلمية العالمية. حيث يغدو الباحث المخضرم كالسنديانة الراسخة التي تمد جذورها في الأرض لتظلل الأجيال، فيما يشكل الباحث الشاب الغصن الطري الذي يكبر على نفس الجذور، فيلتقي الماضي بالحاضر ليصنعا مستقبلًا مشرقًا. وهكذا تكتمل فصول الحكاية باستدامة في العطاء وتنوع في الإنجاز، وإيمان بأن الاستثمار في العقول هو الاستثمار الأجدى، وأن الأردن قادر بالعلم على أن يكتب فصوله القادمة بمداد من الريادة والإبداع.
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.