نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: مزراري.. المغرب تحت مرمى هجمات داخلية وخارجية تستهدف الملكية والأمن والهوية - تليجراف الخليج اليوم الاثنين 22 سبتمبر 2025 08:21 مساءً
تشهد الساحة المغربية في الآونة الأخيرة اتساع حملات منظمة يقودها أشخاص من اتجاهات وخلفيات مختلفة، يجمعهم الفضاء الأزرق ويوحد بينهم الهجوم المتواصل على الدولة. هؤلاء يستغلون المشاكل التي تعرفها بعض القطاعات لإطلاق انتقادات حادة وتصريحات متطرفة، في وقت ما تزال فيه الحياة السياسية الوطنية عاجزة عن توفير توازن حقيقي بين الحق في المعارضة المكفول دستوريا وبين ما تقتضيه المسؤولية الوطنية من التزام وانضباط.
وارتباطا بما جرى ذكره، يرى الكاتب الصحافي والخبير في العلاقات الدولية، الدكتور "عبد الهادي مزراري" أن الانتقاد ومساءلة السياسات العمومية مكفول دستوريا، ويجب أن تمارسه الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات وأيضا المنابر الصحافة والإعلام، لكن بالحجة والدليل، وكذلك عبر مؤسسات الخبرة والكفاءة في التقييم والمراقبة، لكن الحملة الحالية، بحسب "مزراري"، تتجاوز حدود السياسة لتصوب بنادقها نحو الأركان الأساسية التي يقوم عليها استقرار وأمن البلاد.
في سياق متصل، يعتبر الدكتور "عبد الهادي مزراري" أن هؤلاء الأشخاص نصبوا أنفسهم في قطاعات استراتيجية لم يدخلوا إليها عبر القنوات الرسمية، بل تسللوا إليها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي مستترين بأقنعة صحافيين وخبراء ومؤرخين ومفكرين وعلماء وباحثين في المجال الديني، فيما يجمعهم في الواقع انتحال الصفة فقط. ويشير "مزراري" إلى أن هجومهم يرتكز على أركان الدولة المغربية الأساسية، مستهدفين المؤسسة الملكية وأجهزة الأمن الاستراتيجية والهوية الوطنية للمغاربة.
ويضيف "مزراري" أن سلاحهم في ذلك هو ألسنتهم التي تطلق ادعاءات وافتراءات وانتقادات وتشكيكًا وتضليلًا وتحريضًا وإيهامًا، فيما وقودهم عشرات آلاف المتابعين وآلاف التفاعلات على المنصات الرقمية، ويحسبهم البعض فرسان الميدان، خاصة إذا كانت لهم سجلات سابقة في السجون، حتى لو كان ذلك بسبب مواجهاتهم الخارجة عن النص مع مسؤولين في الحكومة أو السلطة.
كما يؤكد "مزراري" أن جمهورًا واسعًا من الناس قد ينظر إليهم كأبطال ومدافعين عن حقوق الشعب، بينما الواقع يشير، بحسبه، إلى أن هؤلاء ليسوا معتقلي رأي أو منتقدين عاديين للسياسات العمومية، بل عناصر تتخندق خلف الطابور الخامس، مهمتها إتمام ما لم ينجزه الاستعمار أو القوى الخارجية التي سعت لتركيع المغرب ومنعه من استكمال وحدته الترابية واستعادة سيادته كاملة.
ويشير الدكتور "عبد الهادي مزراري" إلى أن هؤلاء ينشطون فرادى وجماعات في توجيه ضرباتهم لثلاثة أركان أساسية تشكل قوة المغرب وصموده واستمراريته. الركن الأول، بحسب "مزراري"، هو المؤسسة الملكية، حيث نجد عناصر في الشبكة العنكبوتية يتحدثون عن تاريخ المغرب على خطى ما تنشره بعض وسائل الإعلام الأجنبية مثل جريدة "لوموند" الفرنسية أو ما يروج له النظام الجزائري أو وسائل إعلام أخرى لم ترضَ بما فرضه المغرب عليها في قضية الصحراء.
ويضيف "مزراري" أن بعضهم يُسمّي نفسه مؤرخًا ويتكالب على 12 قرنًا من تاريخ الأسر الحاكمة في المغرب، فجردوا الإدريسيين والعلويين من النسب إلى آل البيت، بهدف تشكيك المغاربة في البيعة ونسف مؤسسة إمارة المؤمنين، وضرب العمود الفقري للدولة المغربية. ويؤكد المتحدث ذاته أن البعض تخصص في أسرار القصر وأصبح يتحدث وكأنه عالم بما لا يعلم أهل الدار، بهدف إطلاق الإشاعة والعمل على تصديقها بأي وسيلة.
أما الركن الثاني، يؤكد الدكتور "عبد الهادي مزراري"، فهو المؤسسات الأمنية في البلاد، التي أصبحت اليوم صعبة الاختراق داخليًا وخارجيًا، وذات باع طويل في امتلاك المعلومة، وأصبحت تحتل مكانة مرموقة بين أجهزة الاستخبارات العالمية الكبرى. ويشير "مزراري" إلى أنه بعدما أصبح متعذرًا على الجهات الخارجية اختراق هذه الأجهزة، لجأت إلى استهداف عناصر بعينها عبر الكتابة والتحريض، مستفيدة من نشطاء مغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي يبحثون عن من يدفع لهم لتكثيف الضربات ضد الأجهزة الأمنية، مضيفًا أن نسف الثقة في هذه الأجهزة يمثل ضربة قاضية لأحد الأركان التي يقوم عليها أمن واستقرار المغرب.
أما الركن الثالث، وفق منظور الدكتور والخبير في العلاقات الدولية "عبد الهادي مزراري"، فهو الهوية المغربية. ويشير المتحدث ذاته إلى أنه منذ فشل "الظهير البربري" الذي أصدره المستعمر الفرنسي في 16 ماي 1930 لتقسيم المغاربة بين أمازيغ وعرب، ظل هذا المشروع جامدًا في رفوف الدولة العميقة في فرنسا. لكن مع التطورات التي شهدها المغرب خلال العقدين الماضيين واعتماد الدولة للهوية المغربية بكل أصولها وتجلياتها، ظهر نشطاء متحمسون لاستغلال هذا التحول لضرب المكون العربي الذي يشكل أساس المغرب منذ أكثر من 12 قرنًا. ويضيف مزراري أن كوكبة أخرى من المخربين تجاوزت أهداف الاعتراف بالثقافة الأمازيغية، لتصبح تطلعاتهم نحو محو الهويات غير الأمازيغية في البلاد من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها، مستفيدين من علم الأجناس واستغلال العرق الأمازيغي كما لو كان حقنة يمكن أن تُحقن بها كل سكان المغرب.
ويؤكد "مزراري" أن هؤلاء يعملون باستماتة وبدعم خارجي من مؤسسات وجمعيات في دول عديدة بهدف تفريق المغاربة من خلال إشعال النزاعات العرقية، مع السعي لمحو المكون العربي وتهميشه، بينما الأصول المغربية متعددة ومتنوعة. ويشير "مزراري" إلى أن النشطاء العنصريون المتطرفون لا يتورعون عن تمزيق الهوية المغربية، مستخدمين التأكيد على أساسية العنصر الأمازيغي للمرور نحو ضرب الدين الإسلامي وإظهاره دخيلًا على المغاربة، فتتضافر جهود هؤلاء مع آخرين يقدمون أنفسهم كمحدثين ومفكرين في الدين لمهاجمة الإسلام.
ويخلص الدكتور عبد الهادي مزراري إلى أن هذه الحملات تستهدف المغرب عبر التشكيك في الدين، والتلاعب بالهوية الوطنية، والتطاول على المؤسسة الملكية، بما يهدف إلى قضم الشعار الذي يوحد المغاربة: "الله، الوطن، الملك".