نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: الرواتب الفلكية والبنية التحتية الغائبة.. معضلة الأولويات في الأردن - تليجراف الخليج اليوم الاثنين الموافق 22 سبتمبر 2025 09:57 صباحاً
قبل أشهر قليلة، قررت الحكومة رفع الحد الأدنى للأجور من 260 ديناراً إلى 290 ديناراً شهرياً، اعتباراً من مطلع عام 2025. وقد كتبتُ في ذلك الوقت مقالاً بعنوان «تمخّض الجمل فولد فأراً»، تعبيراً عن محدودية أثر هذه الزيادة أمام الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة. فالزيادة لم تكن كافية لمعالجة الفجوة الكبيرة بين دخل المواطن واحتياجاته الأساسية.
في المقابل، تشير تقارير اقتصادية إلى أن متوسط راتب العامل الأردني لا يتجاوز 430 إلى 450 ديناراً شهرياً، بينما تصل رواتب وامتيازات بعض المناصب العليا إلى عشرات آلاف الدنانير شهرياً. هذه المفارقة الصارخة تُضعف مبدأ العدالة الاجتماعية وتثير تساؤلات جدية حول جدوى الإنفاق العام.
لا تتوقف المشكلة عند حدود الأجور، بل تمتد إلى غياب النتائج الملموسة على أرض الواقع. فالبنية التحتية في الأردن ما زالت تعاني من أوجه قصور واضحة:
الطرق تتعرض للتلف وتفتقر إلى الصيانة المستمرة.
مشاريع النقل العام محدودة الأثر، مما يفاقم أزمة المواصلات اليومية.
المستشفيات الحكومية تواجه تحديات كبيرة، ويصعب على المواطن الحصول على خدمات صحية لائقة.
المدارس تفتقر في كثير من المناطق إلى بيئة تعليمية مناسبة.
هذه الحقائق تطرح سؤالاً جوهرياً: إذا كانت الرواتب العالية تُبرر بوجود "كفاءات خاصة”، فأين انعكاس تلك الكفاءات في تطوير الخدمات والبنية التحتية التي تمس حياة المواطن بشكل مباشر؟
في ظل مديونية عامة تجاوزت 50 مليار دولار، يبقى الإنفاق على رواتب وامتيازات مرتفعة عبئاً إضافياً على خزينة الدولة، كما يعمّق شعور المواطنين بوجود فجوة متنامية بين النخب السياسية والاقتصادية من جهة، والأغلبية التي تكافح لتأمين احتياجاتها اليومية من جهة أخرى. هذا الانفصال يعكس أزمة ثقة متزايدة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
الخلاصة
إن استمرار التناقض بين واقع اقتصادي هش ورواتب مرتفعة لمسؤولين أو ما يسمى بالنخب يكشف عن أزمة أعمق في إدارة الموارد الوطنية والأولويات. فبدلاً من توجيه الإنفاق نحو إصلاح البنية التحتية وتطوير الخدمات الأساسية في الصحة والتعليم والمواصلات، يذهب جزء كبير من الموارد إلى امتيازات لا يلمس المواطن أثرها.
الأردن اليوم بحاجة إلى مراجعة جادة تعيد الاعتبار لمبدأ العدالة، وتربط المسؤولية بمستوى الإنجاز والمردود الفعلي على حياة الناس، بعيداً عن الرواتب الفلكية التي لا تنسجم مع الواقع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه البلاد.
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.