العدوى المكتسبة من المستشفيات في الأردن: خطر صامت يتطلب استجابة عاجلة - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: العدوى المكتسبة من المستشفيات في الأردن: خطر صامت يتطلب استجابة عاجلة - تليجراف الخليج اليوم الأحد الموافق 21 سبتمبر 2025 07:24 مساءً

كتب اللواء المتقاعد د. موسى العجلوني -

اصبحنا نسمع ان بعض المرضى الذين يدخلون الى المستشفيات من اجل العلاج تتفاقم حالتهم وتتطور الى الأسوء بسبب اصابتهم بعدوى المستشفيات. ماهي هذه العدوى؟ وما هي اسبابها؟ وما هو معدل انتشارها في الأردن مقارنة بالدول الأخرى؟ وكيف يمكن الحد من هذه العدوى؟

كما يوحي الاسم، فإن العدوى المكتسبة من المستشفيات هي العدوى التي يصاب بها المريض أثناء إقامته في المستشفى. تنتج هذه العدوى بشكل رئيسي من البكتيريا المستوطنة في المستشفيات، التي تصبح مع الزمن مقاومة لمعظم المضادات الحيوية المعروفة، وذلك من خلال الاتصال المباشر مع العاملين المصابين بالمستشفى أو المرضى الآخرين، أو من خلال الآلات أو المعدات أو أغطية الأسرة الملوثة، أو حتى جزيئات الهواء. يمكن أن تسبب العدوى المكتسبة من المستشفيات التهابًا رئويًا حادًا والتهابات في المسالك البولية ومجرى الدم وأجزاء أخرى مختلفة من الجسم، والتهاب المعدة والأمعاء، والتهاب السحايا، والتهابات موضع الجراحة.

تشير الدراسات الطبية الحديثة إلى أن عدوى المستشفيات باتت من أبرز التحديات التي تواجه الأنظمة الصحية في العالم، وتزداد خطورتها في وحدات العناية المركزة حيث المرضى الأضعف والأجهزة الطبية الأكثر استخداماً. هذه العدوى لا تعني فقط مضاعفات صحية خطيرة، بل تمتد لتشمل أعباء مالية إضافية على الأسر والقطاع الصحي معاً. تشير الإحصائيات العالمية الخاصة بعدوى المستشفيات انها تسبب مضاعفات عديدة تبدأ ببقاء المريض فترة أطول داخل المستشفى لتلقي العلاج فضلا عن المعاناة الجسدية والنفسية. وعلى سبيل المثال فإن التكلفة المادية السنوية للعدوى المصاحبة للرعاية الصحية في المستشفيات الاميركية تقدر بحوالي 40 مليار دولار سنوياً ناتجة عن 7ر1 مليون حالة التهاب مصاحب للرعاية الصحية، وما يزيد على 90 الف حالة وفاة سنويا.

أسباب وحلقات العدوى

تنتشر العدوى في المستشفيات لأسباب متعددة، منها: الاستخدام المفرط للأجهزة الطبية كالقساطر والتنفس الصناعي، إدخال المرضى للمستشفيات او طول فترة بقائهم دون مبرر طبي، ضعف الالتزام بإجراءات التعقيم والنظافة وغسل اليدين وارتداء ملابس الوقاية والكمامات، إضافة إلى الزيارات العشوائية للمرضى التي تفتح باباً لانتقال الجراثيم. يكون خطر العدوى مرتفعاً بالنسبة إلى الرُّضع والبالغين الأكبر سنًا والمرضى الذين يُعانون من ضعف الجهاز المناعي والأشخاص الذين يستخدمون أجهزة طبية مثل القثاطير الوريدية وقثاطير تصريف البول وأجهزة التنفس الصناعي وغيرها.

نسب مقلقة في الأردن

وفق الدراسات المتوفرة، تبلغ نسبة الإصابة بعدوى المستشفيات في الأردن حوالي 10.4%، وهي نسبة تفوق المعدلات في الدول المتقدمة (4–5%)، وإن كانت أقل من نظيرتها في كثير من دول شرق البحر الأبيض المتوسط (12-18%). هذه الأرقام تعكس واقعاً يحتاج إلى تدخل فوري، خصوصاً مع ما يصاحب العدوى من إطالة في مدة بقاء المريض داخل المستشفى، وزيادة الحاجة إلى مضادات حيوية متطورة، وإرتفاع تكاليف العلاج، وارتفاع معدلات الوفيات.وبما اننا في الأردن نُعد من الدول المتقدمة طبيا والجاذبة للسياحة العلاجية، فيجب ان نقارن انفسنا مع الدول المتقدمة وليس مع الدول النامية وأن نعمل لخفض هذا المعدل بما لايقل عن النصف.

خطوات للحد من المشكلة

لمواجهة هذه الظاهرة وتخفيض معدل العدوى المكتسبة من المستشفيات فإننا نحتاج الىتطوير خطة وطنية متكاملة تشمل:

•ضبط إدخال المرضى وخروجهم: حصر إدخال المرضى بالحالات الطبية المبررة وفق البروتوكولات العالمية المتعارف عليها وتسريع التخريج عند استقرار الحالة.

•الالتزام الصارم بالبروتوكولات الطبية: تطبيق حزم الوقاية من العدوى المرتبطة بالقساطر وأجهزة التنفس، وتعقيم الأسطح والمعدات بشكل دوري، كلها تعتبر خط الدفاع الأول ضد العدوى.

•ترشيد استخدام المضادات الحيوية: وضع سياسات واضحة تمنع الاستخدام العشوائي وتحد من مقاومة البكتيريا.

•تدريب ومتابعة الكوادر الطبية: عبر برامج إلزامية تركز على أساليب مكافحة العدوى وأهمية المراقبة اليومية.

•التوثيق والإفصاح: إلزام المستشفيات بتسجيل وتوثيق حالات العدوى المكتسبة والإفصاح عن معدلاتها للجهات الرسمية الرقابية، مع إلزام المستشفيات بتطوير برامج مراقبة وإستقصاء داخلية لكل حالة عدوى مكتسبة لمعرفة الأسباب واتخاذ التدابير اللازمة للحد من تكرارها.

•تقليل الزيارات: خاصة في وحدات العناية المركزة، مع توفير بدائل للتواصل مع اهل المريض عبر الوسائل الرقمية.

وفي الختام، إن مواجهة عدوى المستشفيات في الأردن ليست مهمة جهة واحدة بعينها، بل هي مسؤولية مشتركة تشمل وزارة الصحة والمركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية وإدارات المستشفيات والكوادر الطبية والمرضى والزوار على حد سواء. فالمستشفى يجب أن يبقى مكاناً للشفاء والأمل، لا بوابة لعدوى جديدة تزيد من معاناة المرضى وتثقل كاهل النظام الصحي.

 

نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.