نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: المرحلة الانتقالية في سوريا.. العدالة والحقوق والإعلام بين الفوضى والأمل - تليجراف الخليج اليوم السبت 20 سبتمبر 2025 09:24 مساءً
ناقشت الجلسة الختامية التي عقدت ضمن فعاليات ملتقى مستقبل الإعلام والاتصال الذي بدأ أعماله يوم السبت، ملف "سوريا وأسئلة المستقبل.. تحديات.. ورهانات.. وقصص النجاح".
وتحدث في الجلسة التي أدارت النقاش فيها الإعلامية سونيا الوافي، كل من مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، ورئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير مازن درويش، ومستشار مجموعة فضاءات ميديا أنس أزرق، ومدير الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المفوضية السامية لحقوق الإنسان محمد النسور.
وتطرق المتحدثون إلى الحالة الحقوقية في سوريا اليوم والمرحلة الانتقالية التي تشهدها البلاد، وطرحت في بدايتها السؤال الأهم في هذه الفترة على المستوى السوري والذي يتمثل في: "كيف تبدو الحالة الحقوقية في سوريا اليوم؟"
وقال مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، إنّ الحديث الحالي يتعلق بالمرحلة الانتقالية في سوريا والشرعية الثورية التي تمر بها اليوم وكيفية الانتقال إلى تعددية سياسية تبتعد عن السلطة الثورية، مشيرا إلى أن سوريا مكونة من طوائف وأعراق يُنظر إليها كعناصر من المجتمع السوري وليس ديانات. مؤكدًا أن المرحلة الانتقالية يجب أن تبني على العدالة الانتقالية، منوهًا إلى أن هذا المسار لم يسِر في هذه الطريقة حتى الآن.
ولفت إلى وجود مؤشرات جيّدة للحالة الحقوقية في سوريا، غير أن التفاصيل معقدة، قائلًا: "إن هناك مؤشرات إيجابية يجب أن نبني عليها ونحسنها، بين السلطة والمجتمع"، مضيفًا أن الأهم هو رؤية الحكومة في المرحلة الانتقالية في سوريا، وأن المجتمع المدني السوري تم تسييسه بطريقة تمكنه من الدفاع عن حقوقه، وذلك بفعل الثورة السورية.
وأوضح عبد الغني أن هناك محاسبة لسوريا في هذا السياق، بالرغم من أن وضع المؤسسات السورية متهالك، مشيرا إلى وجود تحديات ضخمة، وأن المسؤولية تقع على عاتق المجتمع المدني السوري وعلى المجتمع الدولي أيضا، إذ إن دعمه محدود ومتراجع، خاصة من الأمم المتحدة.
وأضاف عبد الغني أن هناك مؤشرات إيجابية جيدة، ولكن يجب العمل أكثر في ظل وجود مساحات واسعة للعمل، مشيرًا إلى أن المجتمع السوري يعاني من حالة تصحر سياسي، دون أحزاب أو سياسات أو انتخابات، ويجب البدء في البناء الآن بجهود وضغط. ولفت إلى أن هناك العديد من القضايا المعقدة، وأن الخبرات في سوريا محدودة وتحتاج إلى تدريب ودعم مالي لضبط هذه المؤسسات.
وقال رئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير مازن درويش إن سوريا تشهد منذ أكثر من 14 عاما سلسلة من الانقسامات الداخلية التي عمّقت هشاشة الوضع السياسي والاجتماعي. تسيطر الحكومة على أجزاء من البلاد، بينما تبقى مساحات واسعة خارج سيطرتها.
وأوضح أن الواقع في النظام السابق أتاح الاستفادة من حالة الضعف والانقسام المستمرة، في ظل حضور جماعات متطرفة مثل تنظيم داعش، ما جعل البلاد ساحة لتعدد أشكال الصراع. وأشار إلى أن التحديات الكبرى في استمرار النزاعات يتحمل النظام السوري المسؤولية الأكبر عنها، إضافة إلى انهيار البنية التحتية وتراجع التعليم والخدمات الأساسية.
ورغم هذا المشهد، يرى درويش أن هناك فرصة أمام المواطن السوري لإعادة صياغة مفهوم المواطنة، والمطالبة بمستقبل أكثر استقرارًا في السنوات المقبلة، إذا ما توفرت الإرادة والظروف السياسية الملائمة.
تحدث مستشار مجموعة فضاءات ميديا أنس أزرق عن وضع الإعلام في سوريا، مشيرًا إلى أنه مثل باقي القطاعات والمجالات في سوريا، يعاني من فوضى عارمة. وقال إنه بما أن نظام الأسد قد سقط، فلا يجب أن ننتظر معجزات بعد ذلك، بل يجب العمل أكثر والتطور، لأن ما حدث في سوريا كان كبيرًا والتحديات أكبر.
وأوضح ضرورة الانتقال من خطاب تحريضي تقسيمي اعتاده النظام السابق إلى خطاب وطني جامع، مشيرًا إلى أنه يجب التحول إلى إعلام صادق، والانتقال من خطاب المؤثرين والناشطين إلى خطاب المهنيين، ومن إعلام فصائل إلى إعلام سلطة، لا سيما وأن الرأي الذي كان موجودًا سابقًا كان مضللاً.
وأشار أزرق إلى أن المشكلة تكمن في أن السلطات الجديدة ومنظمات المجتمع المدني رفعت سقف توقعات السوريين بما يمكن إنجازه في فترة قصيرة، وهو ما كان مخالفًا للواقع، وتسبب بالتخبط والتسرع.
ولفت إلى أن الوعي حول المعلومة وحرية تداولها أصبح اليوم أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، معتبرًا أن المقارنة بين الواقع الحالي والمرحلة السابقة "في عهد الأسد" غير واردة، إذ إن المشهد الإعلامي اليوم مختلف تمامًا، ويضع على عاتق الإعلاميين والفاعلين مسؤولية مضاعفة للاجتهاد والعمل بشكل أكبر.
وأوضح أزرق أن هناك حالة من الفوضى في المشهد الإعلامي السوري والعربي عمومًا، نتيجة غياب الضوابط وضعف التشريعات الضامنة لحرية التعبير، ما يفرض على المؤسسات الإعلامية والمبادرات المستقلة بذل جهد استثنائي لتقديم خطاب موضوعي وشفاف يلامس اهتمامات الناس.
وأكد أن المستقبل ما يزال مفتوحًا أمام محاولات جادة لتأسيس إعلام حر ومسؤول رغم التحديات السياسية والاقتصادية، مشيرًا إلى أن بناء وعي مجتمعي حقيقي حول قيمة المعلومة والقدرة على التمييز بين الأخبار المضللة والحقائق سيكون أحد المفاتيح الرئيسية لعبور سوريا إلى مرحلة جديدة من التنمية والاستقرار، حيث يصبح الإعلام شريكًا أساسيًا في عملية الإصلاح والتغيير.
بدوره أوضح مدير الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المفوضية السامية لحقوق الإنسان محمد النسور، أن الأمم المتحدة تراقب المسار السوري عن كثب، مبينا أن سوريا مرت بـ45 عاما من نظام الحزب الواحد، وأن الأمم المتحدة لديها سوء فهم كبير بشأن الوضع السوري، مما أدى إلى أزمة ثقة بين الجانبين.
ونوه إلى أنهم قد يكونون الآن في المسار الصحيح، قائلًا: "سمح للأمم المتحدة بالعودة إلى سوريا، واليوم نحن داخل دمشق بعد سنوات من الانقطاع".
وذكر النسور أنه لابد من الانتباه إلى الموضوع الحقوقي والانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها سوريا، وأنه يجب على الحكومة اليوم إعادة تأهيل القضاء والأمن وإعادة هيكلة هذه الأجهزة.
وقال إنه يمكن للأمم المتحدة أن تقدم الكثير، فقد قدمت خطة عمل للمرحلة الانتقالية وللبناء ومساعدة المجتمع المدني، إضافة إلى ضرورة وجود منصب رئيس وزراء ووزارات ومؤسسات فاعلة. لا سيما وأن التفاعل كبير من بعض الوزارات مثل وزارة الصحة، لكن الباقي بحاجة إلى عمل أكبر.
وأوضح النسور أن هناك عدم فهم سليم للأولويات، خاصة وأن المرحلة الحالية صعبة ويجب تمكين أجهزة الدولة، ودمج الخبرات والكفاءات السورية، بما في ذلك الموجودة خارج سوريا، لأن المركزية الموجودة تبطئ التطور.
وبدأت اليوم فعاليات الملتقى في دورته الثالثة بمشاركة أكثر من 750 إعلاميا وإعلامية وناشطًا وصانع محتوى وخبيرًا، إلى جانب ممثلين عن مؤسسات دولية من مختلف أنحاء العالم.
الملتقى الذي أطلقه مركز حماية وحرية الصحفيين قبل عامين، يطرح هذا العام عبر جلساته الممتدة على مدار يومين قضايا محورية تتعلق بحماية الصحفيين وواقع الحريات الإعلامية، إلى جانب التحديات التي تواجه المهنة في ظل النزاعات والأزمات. كما يناقش سبل بناء القدرات والارتقاء بالاحتراف المهني في زمن أصبحت فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي جزءًا رئيسيًا من صناعة الإعلام، فضلًا عن قراءة تحولات المشهد السياسي في المنطقة وانعكاساتها على الساحة الإعلامية.
المملكة