نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: سيميوني يقترب من خط النهاية .. توريس يستعد لخلافة عرش الرجل الحديدي - تليجراف الخليج اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025 06:50 مساءً
تليجراف الخليج - لم يكن الفوز الأول لأتلتيكو مدريد هذا الموسم في الدوري الإسباني حدثًا عاديًا، فحتى دييجو سيميوني نفسه اعترف بأن الانتصار على فياريال (2-0) كان بمثابة “تنفس الصعداء”، بعد أن حصد فريقه نقطتين فقط في أول ثلاث جولات. لكن بعيدًا عن لحظة الارتياح تلك، يظل السؤال الكبير حاضرًا: هل اقتربت حقبة سيميوني الطويلة من نهايتها؟ ومن قد يكون خليفته في مقعد “الرجل الحديدي”؟
العديد من الأسماء طُرحت على الطاولة، لكن ثمة اسم واحد يلمع في سماء مدريد، ويثير الحماسة بين الجماهير والخبراء على حد سواء: فرناندو توريس.
المهاجم الأسطوري السابق الذي أحبته جماهير ليفربول، وتغنت باسمه جماهير أتلتيكو مدريد، بات الآن مرشحًا لخلافة المدرب الذي صاغ هوية الروخيبلانكوس على مدار أكثر من عقد.
توريس لم يكن لاعبًا عاديًا في أتلتيكو مدريد. لقد كان “ابن النادي”، خريج الأكاديمية الذي حمل الفريق على كتفيه في سنوات صعبة، قبل أن يخط اسمه بين أبرز المهاجمين في أوروبا مع ليفربول وتشيلسي.
جماهير “الكوب” في آنفيلد أحبّته بجنون، وترك بصمته بــ65 هدفًا في ثلاث سنوات ونصف. أما في تشيلسي، فقد تُوّج بدوري الأبطال عام 2012، ليتحول إلى بطل في لندن أيضًا.
لكن رغم مغامراته الأوروبية، ظل قلب توريس معلقًا بمدريد. فعاد في 2015 إلى بيته الأول، وعاش تجربة ثانية مع الأتلتي، رغم أن مشاركاته مع سيميوني لم تكن دائمًا منتظمة. ومع ذلك، لم يكن هناك شك في مكانته كأحد أعظم رموز النادي.
حين أعلن توريس اعتزاله في 2019، لم يكن أحد يتوقع أن يرى فيه مدربًا للمستقبل.
حتى وكيله السابق خوسيه أنطونيو مارتن بيتون قال ذات مرة: “لو سألني أحد إن كان توريس سيصبح مدربًا، لقلت مستحيل”، فـ”إل نينيو” لم يكن معروفًا عنه شغف تحليل الخطط أو التخطيط التكتيكي في أيامه كلاعب.
لكن السنوات تغيّر البشر. ومع تقدم توريس في العمر، بدأ يفكر أكثر في “لماذا” و”كيف” تحدث الأشياء في كرة القدم. وهنا بدأت بذور المدرب تنمو.
وفي 2021، أعلن أتلتيكو مدريد عودته رسميًا إلى النادي كمدرب لفريق الشباب تحت 19 عامًا. خطوة فاجأت الجميع، لكنها بدت منطقية لجماهير الروخيبلانكوس التي رأت في نجمها السابق قائدًا قادرًا على غرس قيم النادي في الأجيال الجديدة.
نجاح مبكر في قطاع الشباب
تجربته مع فريق الشباب كانت بداية مشجعة للغاية. خلال موسمه الأول، قاد توريس “أتلتيكو جوفينيل” لتحقيق ثنائية محلية، كما أوصل الفريق إلى نصف نهائي دوري أبطال الشباب.
تلك النتائج لم تأتِ من فراغ، بل من عمل جاد، وانضباط صارم، وشخصية كارزمية لمدرب يعرف كيف يفرض الاحترام.
حتى لاعبوه الشباب تحدثوا عن تأثيره الكبير. بابلو باريوس، الذي أصبح نجمًا في الفريق الأول لاحقًا، قال: “عندما يتحدث توريس، يختلف الأمر كليًا. إنه فرناندو توريس.. مجرد اللعب تحت قيادته شرف عظيم”.
من فريق الشباب إلى “أتلتيكو ب”
نجاحه دفع إدارة النادي لترقيته في 2024 إلى قيادة الفريق الرديف “أتلتيكو ب”. مهمة أكثر صعوبة، لأنها لا تتعلق فقط بتطوير الشباب، بل أيضًا بالمنافسة في دوري شرس مع فرق قوية.
ورغم أن الفريق لم ينجح في الصعود للمجموعة الثانية في الليجا، فإن مسؤولي النادي كانوا راضين تمامًا عن التطور الفني والنتائج، ما دفعهم لتمديد عقد توريس حتى 2027.
توريس علّق على هذه الخطوة قائلًا: “أنا سعيد جدًا لأنني أواصل مسيرتي كمدرب في نادي حياتي. بالنسبة لي، هذه فرصة عظيمة للتطور، وسأعمل على تقريب الفريق من أسلوب كرة القدم الذي أؤمن به”، مؤكدًا أن النقد الذاتي سيكون دائمًا جزءًا من فلسفته.
لكن، ما الذي يميز توريس كمدرب؟ الجواب: مرونته التكتيكية وشخصيته القيادية.
توريس لم يلتزم بخطة واحدة جامدة. عادةً يبدأ بأسلوب 3-5-2 يتحول بسرعة إلى 5-3-2 عند الحاجة. يركز على الضغط العالي، استعادة الكرة مبكرًا، واللعب بسرعة نحو المرمى. ببساطة: كرة هجومية مباشرة، لكن بمرونة دفاعية حين يفرض الخصم أسلوبه.
يُقال إنه يجمع بين مزيج من المدارس: حماس سيميوني، لمسة لويس أراجونيس الإنسانية، عقلية بينيتيز التكتيكية، ودفع مورينيو القوي للفريق. هذه التوليفة جعلته مدربًا يصعب وضعه في قالب واحد.
شخصيته على خط التماس أيضًا لا تقل أهمية: يتحرك بانفعال، يوجه لاعبيه بحرارة، تمامًا مثل سيميوني. ويعزز ذلك حضوره الجسدي القوي بعد سنوات من العمل في صالات اللياقة.
من يعرفونه يشيدون بانضباطه واهتمامه بالتفاصيل. لديه مكتب في منزله مخصص لتحليل المباريات والخصوم. يصفه اللاعبون الشباب بأنه “مدرب يُجبرك على الإنصات”، لأنه ببساطة توريس، أسطورة النادي.
هذه المكانة الخاصة ساعدته على الانتقال من نجم إلى مدرب بسهولة نسبية، رغم أن التعامل مع نجوم الفريق الأول سيكون تحديًا مختلفًا.
من الطريف أن العلاقة بين توريس وسيميوني لم تكن دائمًا مثالية. خلال فترة عودته الثانية كلاعب، شعر “إل نينيو” أحيانًا بخيبة أمل بسبب قلة مشاركاته.
لكنه اليوم ينظر إلى تلك الفترة بعيون مختلفة، معترفًا: “كان سيميوني قدوتي، ثم زميلي، ثم مدربي. أتفهم أن الموقف كان صعبًا عليه”.
أما سيميوني، فقد دافع دائمًا عن توريس، وقال عنه بعد فوز الأتلتي بالدوري الأوروبي 2018: “يمثل كل ما نتمناه في لاعب أتلتيكو مدريد”.
هذا الاحترام المتبادل هو ما يجعل فكرة انتقال المشعل من سيميوني إلى توريس منطقية وسلسة، خاصة أن عقديهما ينتهيان معًا في 2027.
المستقبل المجهول.. لكن المثير
لا أحد يستطيع الجزم متى سيرحل سيميوني. ربما هذا الموسم، ربما بعد سنوات. لكن الشعور السائد في مدريد أن توريس سيكون الرجل الذي يحمل الراية عاجلًا أم آجلًا.
ربما يقود “إل نينيو” أتلتيكو مدريد يومًا ما من الخطوط الجانبية في ميتروبوليتانو، تمامًا كما قاد الفريق كلاعب في بداياته. وربما – وهذا ما لا تستبعده بعض الصحف – يعود في يوم ما إلى آنفيلد مدربًا لليفربول الذي أحبه، مقتفيًا أثر أساطير تحوّلوا من الملعب إلى مقاعد التدريب.
لكن المؤكد أن توريس، الذي لم يتوقع أحد أن يصبح مدربًا، أصبح اليوم واحدًا من أكثر الأسماء إثارة في عالم التدريب. ربما يكون خليفة سيميوني، وربما أكثر من ذلك.
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.