نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: الناتو العربيّ ولعنة الأسماء! - تليجراف الخليج اليوم الثلاثاء الموافق 16 سبتمبر 2025 01:01 صباحاً
كتب: كمال ميرزا
"ناتو عربيّ": بئس التسمية، وبئس مَن أطلقها، وبئس الإعلام الذي يحاول تكريسها في الأذهان!
ألم يبقَ في تراث العرب وتاريخهم القديم والحديث تسميات حتى يقتبسوا اسم إحدى أكبر المنظّمات الإجراميّة عبر العصور: الناتو!
لماذا كلّ هذا الإصرار على تداول هذه التسمية وحشرها في الآذان حشراً حتى ما قبل السابع من أكتوبر؛ هل من قبيل التذاكي؟ أم من قبيل الاختصار؟ أم من قبيل "الإفرنجي برنجي"؟ أم لأن استخدام مثل هذه التسميات يُضفي على الإعلاميّ أو المحلّل أو الخبير نوعاً من الهالة والبرستيج؟!
حتى أنّ المقاربة من الناحية اللغويّة لا تستقيم، فكلمة ناتو (NATO) الإنجليزيّة هي اختصار لاسم "حلف شمال الأطلسيّ" (The North Atlantic Treaty Organization).. والعرب جغرافيّاً لاهم بالشماليّين، ولا هم بالأطلسيّين (باستثناء المغرب وموريتانيا في أقصى غرب الوطن العربيّ).
هل المقصود الإيحاء بأنّ هذا الناتو الجديد الأصغر هو فرع من ذلك الناتو القديم الأكبر؟!
هل المقصود التأكيد على أنّ هذا الحلف على "عروبته" ما يزال غربيّ المزاج أمريكيّ الميل والهوى والولاء والانتماء؟!
هل المقصود أن تكون التسمية مطّاطة مثل الناتو الأصليّ بحيث يتسع الحلف لضمّ دول أخرى غير عربيّة في المستقبل، مثلاً الكيان الصهيونيّ بعد التخلّص من يمينه المتطرّف (وكأنّ المشكلة في هذا اليمين كما يصرّ الخطاب الرسميّ العربيّ وليست في الكيان نفسه بما هو كيان في أصل نشأته)؟!
اللغة العربيّة اشتقاقيّة ولّادة، والعرب كشعب متمسّك بثقافته الشفاهيّة (رغم الكتاب) يعشقون "الخطاب" و"الخطابة"، ولديهم معين لا ينضب من التسميات والنعوت والأوصاف، فهل "خليتْ" اللغة بحيث لم يتبقَ هناك اسم غير الناتو؟!
الاتحاد قوّة نعم صحيح، لكن الحلف، أي حلف، هو في حدّ ذاته ليس خيراً بالضرورة؛ فالحلف وفق تاريخنا العربيّ يمكن أن يكون "حلف فضول"، ويمكن أن يكون "حلف فجّار".. وبالنسبة لحلف يحمل اسم الناتو، أو يُراد له أن يحمل اسم الناتو (ولو في الاستخدام العام)، من الصعب أن نقنع أنفسنا أنّه حلف قائم على الفضيلة ويهدف إلى نُصرة المظلوم؟!
"المية بتكدب الغطّاس"، في حال إنشاء مثل هذا الحلف ماذا ستكون باكورة إنجازاته: دكّ "تل أبيب" قصاصاً وتأديباً؟! أم نزع سلاح المقاومة بحجّة دعم "السيادة" و"الشرعيّة"؟! أم افتعال حرب مع جيران العرب من "العجم" و"الترك"؟!
على طريقة خباثة الفلاحين الذين أنتمي إليهم، أجد صعوبة كبيرة في مقاومة إغراء أن آتي على اسم "ناتو"، وأغيّر فيه حرفاً واحداً فقط، ليصبح كلمة بذيئة لا تخلو من دلالة وإيحاء في السياق الحالي!
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.