شوك حنا والحرب - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: شوك حنا والحرب - تليجراف الخليج اليوم الاثنين الموافق 15 سبتمبر 2025 08:09 صباحاً

ذات يوم اشتاقت تلك الروح لتسأل شوك حنا عن الجبال التي كانت تحتضنها وعن الأرض الخضراء التي تنتمي إليها وعن ورد الدحنون الذي كان يزين بساطها سمعت شوك حنا نداء الروح التي لا تمل من استرجاع ذكرياتها ثم نهضت من بين الركام الذي طوى على روحها سنين العمر الجميل الذي عاشت فيه مع تلك الفتاة العنيدة التي لا تزال عالقة في ذلك المكان

قالت لها يا صغيرتي أنت ما زلت كما أنت لا يزال قلبك يحارب هذا الوجع لا تزال عيناك تنظر إلى الماضي البعيد ولا زالت روحك تحمل ذلك الألم الذي لا ينتهي أنت كما أنت والعالم يتغير من حولك وأنت ماذا عنك

فأجابت الفتاة العنيدة أنا لا أنسى أحزاني ولا أنسى عزيمتي التي منحني إياها ربي بأن أكون هذا الإنسان الذي لن يفقد حلمه ذلك الحلم الذي يشبه الحرب التي لن تهدأ قبل أن أرى السلام في أرضي

مرت سنوات منذ أن رأت شجرة شوك حنا للمرة الأخيرة تلك الشجرة التي كانت تجرح يدها بلطف ثم تمنحها رائحة الحنّا كما لو كانت تعمدها بقوة في وجه الحياة القاسية في ذلك الصباح استيقظت على صوت داخلي هادئ يدعوها للعودة كأن الأرض تهمس بأسرارها القديمة هل ما زالت هناك هل بقي من الشجرة شيء أم أن الأرض طوتها كما طوت طفولتها وأحلامها الأولى تاركة خلفها فراغا لا يراه أحد

جلست تحت تلك الصخرة القديمة التي كانت تشبه بيضة العقاب إلا أنها لم تدرك أن الصخرة قد رحلت متكسرة إلى فتات تحت وطأة الزمن لتحل مكانها جدران المباني والأرصفة وبيوت عالية يقيم فيها غرباء ليسوا من طين بلادها ولا من عبير هوائها تغيّر الجبل لم يعد كما كان والصمت لم يعد صمتا بل صار صدى مترددا لأصوات غريبة لا تشبه الهدوء الذي كان يملأ المكان ذات يوم ذلك الهدوء الذي كانت تعرفه منذ سنوات مضت منذ زمن كانت فيه الحياة أبسط وأعمق

كانت خطواتها ثقيلة مثقلة بالتعب لم تعد قدماها تخترقان الأرض بخفة كما في السابق كانت تمشي وكأنها تطوف فوق الأرض يرفرف قلبها كطائر مكسور الجناح والتراب يتطاير خلفها كأنه يحكي حكايات الماضي رأت نفسها تحلق بلا أجنحة وكان الهواء البارد يلهب خديها وفي داخلها دفء غريب دفء الهروب من برد العطف المفقود من الحنان الذي صار ذكرى بعيدة

كان الهواء البارد يحمل في ثناياه دفء قلبها الذي اعتاد أن يتحمل الوحدة أن يظل صامدا وسط عالم قاس في وجوه لا تراها ولا تعرفها في عينيها لهفة وفي قلبها رجفة ومع كل خطوة تسترجع صور الشجرة شوكها رائحتها الدم الذي نزف من يدها ليمنحها إيمانا بالحياة رغم الألم

نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.