نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: ”ملاعب أم زوايا؟!” كيف تُحرم مدارس خاصة في... - تليجراف الخليج اليوم الاثنين 15 سبتمبر 2025 05:52 صباحاً
تشهد المدارس الخاصة في مدينة عدن تفاوتاً حاداً ومتزايداً في توفير البنية التحتية الرياضية، حيث تفتقر أكثر من نصف المدارس إلى ساحات مخصصة للأنشطة البدنية، فيما تمتلك مدارس أخرى مرافق رياضية متكاملة تشمل ملاعب كرة قدم، ومسارات جري، وأجهزة تدريب، وحتى مسابح صغيرة، مما يخلق فجوة اجتماعية وصحية عميقة بين طلاب المدينة.
46.3.49.207
فبينما تتيح بعض المدارس الفاخرة – التي تقع غالباً في أحياء ذات دخل مرتفع مثل التواهي والمعلا – لطلابها ممارسة الرياضة يومياً ضمن بيئات آمنة ومُنظمة، تجد طلاب مدارس أخرى – خاصة في الأحياء الشعبية أو النائية – أنفسهم محرومين من أي فرصة للحركة أو النشاط البدني خلال اليوم الدراسي، إذ يقتصر وقتهم خارج الصفوف على فترات قصيرة في فناء ضيق غير مخصص للرياضة، أو حتى في ممرات مزدحمة.
وأشارت دراسة ميدانية حديثة أجرتها جمعية "تعليم من أجل الصحة" في عدن، إلى أن 62% من المدارس الخاصة في المدينة لا تملك ساحة رياضية مخصصة، بينما 78% من تلك المدارس لا تقدم أي برنامج رياضي منهجي، رغم أن وزارة التربية والتعليم تُلزم جميع المنشآت التعليمية بتوفير "مرافق مناسبة للنشاط البدني" كجزء من شروط الترخيص.
مخاوف صحية ونفسية تتزايد
ويثير هذا التفاوت مخاوف جدية لدى أولياء الأمور، الذين يرون أن الحرمان من النشاط البدني ليس مجرد نقص في الخدمة، بل تهديداً حقيقياً لصحة أبنائهم. وقالت سارة أحمد، أم لطفلين في مدرسة خاصة بمنطقة التواهي:
"ابني يذهب إلى مدرسة لا تحتوي حتى على ملعب صغير، يقضي يومه جالساً في الصفوف، ولا يتحرك إلا عند الاستراحة القصيرة. أصبح يعاني من زيادة وزن، وضعف في التركيز، وقلق مستمر. كيف نطالبهم بالتفوق الأكاديمي ونحرمهم من الحركة التي هي أساس النمو الصحي؟"
وأكد خبراء في الطب الوقائي والتغذية أن نقص النشاط البدني لدى الأطفال والمراهقين يرتبط مباشرة بزيادة حالات السمنة، واضطرابات النمو، وارتفاع ضغط الدم، والاكتئاب، خصوصاً في ظل غياب برامج تعليمية تربوية بديلة. كما أشارت دراسة أعدتها جامعة عدن عام 2023 إلى أن 45% من طلاب المدارس الخاصة في عدن يعانون من مؤشرات كتلة جسم أعلى من المعدل الطبيعي، مع تفوق واضح في المناطق التي تفتقر للمرافق الرياضية.
دعوات لتدخل فوري ورقابة صارمة
وفي مواجهة هذا الواقع، دعت جمعيات أهلية ومؤسسات تعليمية وحقوقية إلى إصلاح جذري في سياسات الرقابة على المدارس الخاصة، مشددة على ضرورة تحويل الشروط المتعلقة بالمرافق الرياضية من "إرشادات" إلى "متطلبات إلزامية" تُطبّق دون استثناء.
ودعا عدد من أولياء الأمور إلى تشكيل لجنة مراقبة مستقلة تضم ممثلين عن الأهالي، وخبراء تعليميين، ومسؤولين من الوزارة، لزيارة المدارس بشكل مفاجئ، ونشر تقارير شهرية حول حالة المرافق الرياضية، بهدف تحقيق الشفافية والمساءلة.
وزير التربية: سنعمل على تحديث الشروط
وفي رد رسمي، أفاد مصدر في وزارة التربية والتعليم بأن الوزارة تضع حالياً مشروع قرار جديد يُلزم جميع المدارس الخاصة – سواء الجديدة أو القائمة – بتوافر ساحة رياضية مساحتها لا تقل عن 500 متر مربع، بالإضافة إلى وجود برنامج رياضي أسبوعي إلزامي مُدرج في الجدول الدراسي، وذلك كشرط أساسي لتجديد الترخيص السنوي.
وأضاف المصدر:
"نحن ندرك أن هذه المشكلة ليست فقط تقنية، بل هي قضية عدالة اجتماعية. لن نقبل بعد الآن أن يكون الوصول إلى الرياضة مسألة حظ أو ثراء، بل حقاً متساوياً لكل طفل يدخل المدرسة."
ولكن مع غياب الآليات التنفيذية الفعلية، ونقص الموارد البشرية للرقابة، يبقى التحدي كبيراً أمام تنفيذ هذه التعديلات، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والأمنية التي تعيشها المدينة.