إيران وتجارة السموم ...من الكوكايين اللاتيني إلى الكبتاغون... - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: إيران وتجارة السموم ...من الكوكايين اللاتيني إلى الكبتاغون... - تليجراف الخليج اليوم الجمعة 12 سبتمبر 2025 01:03 مساءً

لم تعد إيران مجرد داعم عسكري لوكلائها في المنطقة، بل باتت فاعلًا مركزيًا في منظومة عالمية لتجارة المخدرات، تمتد من أميركا اللاتينية إلى الشرق الأوسط. عبر شبكات تهريب يديرها حزب الله والحرس الثوري، تستخدم إيران المخدرات كأداة استراتيجية لتمويل الحروب، اختراق المجتمعات، وزعزعة الاستقرار الإقليمي والدولي. هذا التقرير يكشف كيف تحوّلت تجارة السموم إلى سلاح إيراني متعدد الأوجه، يربط بين الكوكايين والكبتاغون، وبين بيروت وصنعاء.

46.3.49.207

في منطقة الحدود الثلاثية بين الأرجنتين والبرازيل وباراغواي، كشفت تحقيقات أمنية عن تورّط حزب الله، الذراع الإيرانية في لبنان، في إنشاء خطوط تهريب للكوكايين من كولومبيا وفنزويلا إلى أوروبا والولايات المتحدة. هذه الشبكات، التي يديرها عناصر مثل ناصر عباس بحمد وهانان حمدان، تمثل جزءًا من منظومة غسل أموال وتمويل عمليات عسكرية وسياسية لحزب الله، بدعم مباشر من إيران. وقد كشف مشروع “كاساندرا” الذي أطلقته إدارة مكافحة المخدرات الأميركية (DEA) عن عمليات تهريب بمليارات الدولارات، تُستخدم لشراء الأسلحة وتمويل الميليشيات في سوريا واليمن، ما يربط تجارة المخدرات مباشرة بالأنشطة الإرهابية الإيرانية.

الشرق الأوسط: الكبتاغون كسلاح إيراني

في سوريا ولبنان، تحوّلت تجارة الكبتاغون إلى اقتصاد حربي تديره شبكات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني وحزب الله. سوريا تُنتج نحو 80% من الكبتاغون عالميًا، وتُهرّب الحبوب إلى الخليج عبر شبكات تهريب يديرها وكلاء إيران في لبنان والعراق، مثل كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق. هذه التجارة، التي تُقدّر قيمتها بأكثر من 2 مليار دولار سنويًا، تُستخدم لتمويل العمليات العسكرية في سوريا واليمن، وتُعدّ مصدرًا رئيسيًا لدخل الميليشيات المسلحة، ما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية إيران الإقليمية.

اليمن: نموذج مصغّر لمنظومة التهريب

في سياق التحليل الشامل لمسار تهريب الأسلحة الإيراني إلى الحوثيين، يستحق ملف تجارة المخدرات التي تديرها الجماعة بدعم إيراني التفصيل. في سبتمبر 2025، كشفت وزارة الداخلية اليمنية عن تفكيك شبكة متخصصة في إنتاج وتهريب المواد المخدرة، يقودها خبراء من سوريا ولبنان، كانوا يعتزمون إنشاء مصنع جديد في مناطق سيطرة الحوثيين. التحقيقات تؤكد أن هذه الشبكة تنشط بدعم لوجستي وتقني ومالي من النظام الإيراني، الذي يسعى إلى تحويل اليمن إلى مركز لإنتاج وتصدير المخدرات، على غرار تجارب سوريا ولبنان.

جماعة الحوثي تسوّق المخدرات محليًا وتُعيد تهريبها إلى دول الجوار، متسببة بأضرار اقتصادية واجتماعية وصحية خطيرة. وتُظهر المعلومات أن الحوثيين يعيدون تشكيل اقتصادهم الحربي عبر بناء مصانع قادرة على إنتاج 35 ألف حبة كبتاغون في الساعة، ضمن شبكات ترتبط بأجهزة إيرانية وحلفاء مثل حزب الله اللبناني.

مخدرات وسلاح: شبكة واحدة بأهداف متعددة

الملفان متداخلان بشكل كبير، حيث تُستخدم شبكة التهريب القائمة لتوفير موارد مالية ضخمة تمكّن الحوثيين من مواصلة عمليات تهريب الأسلحة الإيرانية والاعتداءات البحرية في البحر الأحمر. وقد كشفت القوات اليمنية عن شحنات مشتركة من الأسلحة والمخدرات، ما يؤكد أن هذه الشبكات تعمل بشكل متكامل لخدمة الأهداف العسكرية والسياسية لإيران.

بحسب مصدر متابع لمسار تجارة المخدرات العابرة للحدود، فإن ما يجري في اليمن ليس حالة معزولة، بل جزء من منظومة إيرانية أوسع لتوظيف المخدرات في تمويل الحروب وتوسيع النفوذ. هذا المصدر يؤكد أن إيران تستخدم وكلاءها في المنطقة، وعلى رأسهم حزب الله والحوثيين، لتأسيس شبكات تهريب متكاملة. وقد كانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أوائل الجهات التي عزمت على مواجهة هذا التهديد، عبر تصنيف حزب الله كمنظمة إجرامية دولية في ملفات المخدرات، وتوسيع العقوبات لتشمل شبكات التمويل المرتبطة بإيران.

إيران كفاعل مركزي في تجارة السموم

تجسد حالة ضبط شبكات المخدرات في اليمن امتدادًا جديدًا لأدوات الصراع، حيث لا يقتصر التمويل على العتاد الحربي، بل يشمل تجارة المخدرات ذات التأثير الإنساني والاجتماعي العميق. إن دعم إيران لهذه الشبكات يظهر بوضوح في الارتباط الاستراتيجي بين تقنيات إنتاج المخدرات والتهريب العسكري، ما يحوّل اليمن إلى منطلق خطير يمس أمن واستقرار المنطقة بأسرها.

لذا، فإن التصدي لهذه المنظومة لا يمكن أن يكون عسكريًا أو سياسيًا فقط، بل يتطلب حلولًا أمنية واقتصادية وقانونية وإنسانية شاملة، تربط بين مكافحة الإرهاب ومكافحة المخدرات، وتضع إيران أمام مسؤولياتها القانونية والسياسية في نشر السموم عالميًا.

*صوت بيروت ناشيونال