نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: الدوحة في مرمى العربدة الإسرائيلية: حين لا تحميك واشنطن من حليفها المدلل - تليجراف الخليج اليوم الخميس الموافق 11 سبتمبر 2025 08:44 مساءً
في لحظة بدت كصفعة للمنطق السياسي، هوت الصواريخ الإسرائيلية على الدوحة، العاصمة التي طالما عُرفت بأنها الحليف الأوثق لواشنطن في الخليج. المفارقة هنا ليست في فعل العدوان بحد ذاته، فإسرائيل دأبت على انتهاك سيادة الآخرين، بل في أن الضربة طالت دولة تحتضن أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، وكأن تل أبيب تقول للعالم: لا حصانة لأحد أمام عربدتها، حتى لو كان حليف البيت الأبيض نفسه.
"إسرائيل" لا ترى إلا نفسها ، فهي منذ نشأتها، اعتادت أن تتحرك وكأنها فوق القانون الدولي وفوق حسابات الآخرين. الاعتداء على الدوحة جاء ليؤكد أن تل أبيب لا تكترث بكون قطر حليفاً لواشنطن، ولا تعير أهمية للتوازنات التي تراها العواصم الخليجية. فإسرائيل، ببساطة، تقرأ الخريطة من زاوية واحدة: أمنها أولاً، وكل ما عداه تفاصيل قابلة للدوس.
الحقيقة المُرّة أن إسرائيل تدرك أن علاقتها العضوية بواشنطن تمنحها حصانة سياسية مطلقة ، لذلك لم تتردد في ضرب الدوحة، لأنها تعلم أن البيت الأبيض سيكتفي ببيانات دبلوماسية رخوة، وأن نفوذ اللوبي الإسرائيلي في الكونغرس سيغطي أي تجاوز. هذه معادلة صادمة: الحليف العربي لأمريكا يمكن أن يُستهدف، بينما المعتدي الإسرائيلي يبقى بمنأى عن أي عقاب.
لا ينفصل العدوان عن موقف إسرائيل من الدور القطري في ملفات غزة والوساطة مع حماس، ولا عن تأثير قناة الجزيرة التي أربكت الرواية الإسرائيلية عالمياً. لذلك جاء الاعتداء كرسالة مباشرة: إسرائيل تريد إسكات الصوت القطري وإضعاف مكانة الدوحة كقوة سياسية وإعلامية في المنطقة.
الرسالة الأبعد: لا حصانة لأحد
بضربها الدوحة، تقول إسرائيل لكل عواصم المنطقة إن التحالف مع واشنطن لا يعني الحماية من الغطرسة الإسرائيلية. تل أبيب تريد أن تُكرّس نفسها كقوة فوق الجميع، لا تردعها قواعد اللعبة الدولية، ولا تكبحها التحالفات العسكرية.
قطر، التي لطالما اعتمدت على أدواتها الدبلوماسية والإعلامية، ستجد نفسها أمام اختبار غير مسبوق: كيف ترد على اعتداء مباشر يمس سيادتها؟ من المرجح أن تتحرك الدوحة عبر القنوات الدولية، وتوظف علاقاتها الواسعة لإحراج إسرائيل سياسياً على الساحة العالمية. أما واشنطن، العارفة ببواطن الأمور فستبقى في موقف حرج بين شريكها الخليجي وحليفها الإسرائيلي المدلل، لتكتفي غالباً ببيانات "إدانة لفظية" لا تغيّر شيئاً في معادلة القوة. والنتيجة أن الاعتداء قد يدفع المنطقة إلى إعادة التفكير بجدوى الاحتماء بمظلة أمريكية لم تعد كافية لردع إسرائيل.
في النهاية، الاعتداء على الدوحة ليس مجرد عمل عسكري، بل إعلان وقح أن إسرائيل لا تحترم حليف واشنطن الخليجي، وتتصرف كما لو أنها الدولة الأولى بالرعاية الأمريكية. إنها سياسة عربدة لا يمكن مواجهتها إلا بموقف عربي موحد، يُعيد الاعتبار للسيادة العربية، ويضع حدّاً لتجاوزات إحتلال مارق اعتاد أن يعيش على حساب أمن الآخرين.
إنها لحظة الحقيقة: فإما أن يبقى العرب أسرى لعربدة إسرائيل، أو أن ينهضوا بقرار سيادي يعيد للمنطقة هيبتها وكرامتها.
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.