أوروبا والصين بحاجة إلى شراكة تعزز مصالحهما الاقتصادية الأساسية - تليجراف الخليج

كشفت أكبر شركة لتصنيع البطاريات عن بطارية للسيارات الكهربائية قادرة على توفير مدى قيادة مذهل، يبلغ 520 كيلومتراً بعد خمس دقائق فقط من الشحن، جاء هذا الإعلان بعد شهر من إطلاق شركة «بي واي دي»، الشركة الصينية الرائدة في تصنيع السيارات الكهربائية، لنظام الشحن فائق السرعة الخاص بها، وفي مجال الطاقة الشمسية أيضاً فإن الأرقام مذهلة، إذ يمكن للشركات الصينية الآن إنتاج أكثر من 1200 غيغاواط من الألواح الشمسية سنوياً.

هذه الإنجازات هي نتيجة سباق التكنولوجيا الخضراء العالمي، الذي تتصدره الصين بفارق كبير، ويقول البعض إن هناك مشكلة تكمن في فائض العرض الصيني، لكن من منظور آخر، فإن بقية العالم لا ينشر هذه التقنيات بالسرعة الكافية، فبينما يعمل محرك التصنيع الأخضر في الصين بسرعة عالية، فإن البعض الآخر يتباطأ.

في ضوء ذلك، تواجه أوروبا خياراً استراتيجياً، حيث يمكنها الرد بسياسة صناعية دفاعية: تأمين سلاسل التوريد، ورفع الرسوم الجمركية، ومحاولة اللحاق بالركب دون جدوى، أو قد تصوغ أجندة تنافسية مشتركة تسمح لأوروبا باستخدام نقاط قوتها، بوضع القواعد والمعايير وبناء التحالفات، لتشكيل بيئة توسيع الصناعات الخضراء، وتحديد المعايير، وتوجيه أطر الاستثمار الأخضر.

التحول المناخي

على الرغم من انهيار العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين في السنوات الأخيرة، فإن فكرة التعاون في التجارة والاستثمار النظيفين قائمة وليست بعيدة المنال، ويُعد التحول المناخي التحدي السياسي والاقتصادي الحاسم للقرن الـ21، وعلى هذه الجبهة، أصبح الاتحاد الأوروبي والصين مترابطين، وإذا ضغطت أوروبا لإزالة الكربون، فقد تُصبح الأصول الصينية عالقة، بينما قد تواجه الصين رداً انتقامياً إذا رفضت التعاون أو التوافق مع المعايير العالمية، والسؤال الآن هو ما إذا كان بإمكانهما تشكيل ترابطهما بشكل بناء.

هناك حاجة لإقامة شراكة مناخية وصفقة تعزز المصالح الاقتصادية الأساسية لكل طرف، وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، يعني ذلك تقليل الاعتماد على الواردات الصينية مع تحسين قدراتها، وبالنسبة للصين يعني ذلك الحفاظ على إمكانية الوصول إلى سوق تصدير عالية القيمة في ظل بيئة تجارية عالمية متغيرة، ويتطلب النجاح براغماتية من كلا الجانبين.

فاعلية التعاون

وتعتمد فاعلية التعاون بين الاتحاد الأوروبي والصين على عوامل عدة: أولاً يجب عليهما التوصل إلى اتفاق بخصوص متطلبات المنتج المحلي، وينبغي على الاتحاد الأوروبي استهداف الإنتاج المحلي لما لا يقل عن 40% من التقنيات الخضراء بحلول عام 2030، ليس فقط التجميع منخفض التكاليف، بل أيضاً الأنشطة ذات القيمة الأعلى مثل البحث والتطوير، لخلق فرص العمل وتعزيز المرونة.

ثانياً، يجب أن تفتح أي شراكة الباب أمام المشروعات المشتركة، التي ساعدت الصين على بلوغ آفاق التكنولوجيا المتقدمة، وهي آخذة في الظهور بالفعل في قطاعي البطاريات والسيارات في الاتحاد الأوروبي، وإذا ما تم هيكلتها بشكل صحيح، يمكن لهذه الشراكات أن تحقق مكاسب متبادلة مع دمج التعاون في استراتيجيات صناعية طويلة الأجل.

ثالثاً، يجب النظر في التدابير التجارية بعناية، ففي حين فرض الاتحاد الأوروبي تعريفات جمركية تصل إلى 45.3% على المركبات الكهربائية الصينية، فإن حواجز الاستيراد وحدها لا تكفي لسد فجوات القدرة التنافسية. وفي أحسن الأحوال، يمكنها أن تُكمل جهود السياسات الأكثر استراتيجية، مثل قواعد المنتج المحلي والشراكات الصناعية، وإذا لم تنفذ هذه الإجراءات بشكل صحيح، فقد تضعف مكانة أوروبا التكنولوجية أكثر، بدلاً من أن تتيح لها الوقت الكافي للحاق بالصين.

رابعاً، ثمة حاجة إلى برامج فعالة لتنقل الكفاءات، حيث بدأت بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بتقييد تأشيرات المهندسين الصينيين، وهذا إجراء غير مدروس، إن تمكين الشركات الأوروبية من استضافة المواهب الصينية، والعكس صحيح، سيضمن إجراء البحث والتطوير والتصميم، وليس التجميع النهائي فقط، في أوروبا.

إزالة الكربون

في نهاية المطاف، من شأن إيجاد طريقة للتعاون في جهود إزالة الكربون أن يُحقق مكاسب اقتصادية وجيوسياسية لكلا الجانبين، ومن شأن التعاون مع الصين أن يعزز مرونة الاتحاد الأوروبي، ويدعم قطاعه الصناعي، ويرسخ مكانة الاتحاد كقائد في مجال التكنولوجيا النظيفة، وستتمكن الصين من التخلص من فائض السلع الخضراء، وتأمين الوصول إلى الأسواق، وإظهار للعالم أنه على الرغم من تراجع الولايات المتحدة عن العمل المناخي، إلا أنها لاتزال ملتزمة بـ«النمو الأخضر».

يبدو أن الاتحاد الأوروبي والصين أكثر توافقاً مما يدركه الكثيرون، فكلاهما مستورد للوقود الأحفوري، وكلاهما منتج رئيس لتقنيات خالية من الكربون، وبالتالي لديهما مصلحة في الحفاظ على الطلب العالمي على المنتجات الخضراء، وفي ظل تزايد حالة عدم اليقين، راهن كلاهما على التحول في مجال الطاقة باعتباره المسار الأكثر جدوى للتنافسية والابتكار.

لقد راهنت كل من أوروبا والصين بمستقبلهما على النمو الأخضر، ولجعل هذا الرهان رابحاً والاستفادة الكاملة من إزالة الكربون، يجب عليهما إيجاد قضية مشتركة بشأن التجارة والاستثمار النظيفين وهو أحد المجالات القليلة التي لاتزال تلتقي فيها المصالح الذاتية الاستراتيجية والمنافع العامة العالمية. عن «جابان تايمز»

• تعتمد فاعلية التعاون بين الاتحاد الأوروبي والصين على عوامل عدة، منها التوصل إلى اتفاق بخصوص متطلبات المنتج المحلي.

 

• من شأن التعاون مع الصين أن يعزز مرونة الاتحاد الأوروبي، ويدعمه صناعياً، ويرسخ مكانته قائداً في مجال التكنولوجيا النظيفة.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: أوروبا والصين بحاجة إلى شراكة تعزز مصالحهما الاقتصادية الأساسية - تليجراف الخليج اليوم الأربعاء 10 سبتمبر 2025 03:37 صباحاً