”الكابلات التي تربط العالم في خطر… حادث بسيط... - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: ”الكابلات التي تربط العالم في خطر… حادث بسيط... - تليجراف الخليج اليوم الأربعاء 10 سبتمبر 2025 01:46 صباحاً

أكد خبراء في البنية التحتية الرقمية أن سفينة تجارية هي السبب المرجح في قطع عدد من الكابلات البحرية الحيوية في البحر الأحمر، ما أدى إلى تعطيل واسع النطاق لخدمات الإنترنت في أكثر من عشر دول تقع في آسيا، والشرق الأوسط، وأفريقيا. ويُعد هذا الحادث تذكيراً صارخاً بهشاشة الشبكات العالمية للاتصالات، التي تعتمد بشكل شبه كلي على هذه الكابلات العابرة للقارات، في ظل تنامي المخاطر الجيوسياسية والتقنية التي تهددها.

102.165.1.96

وأفادت تقارير أولية نقلتها وكالة "أسوشيتد برس" عن جون وورتسلي، مدير العمليات في اللجنة الدولية لحماية الكابلات البحرية (ICPC)، بأن "التحليلات المستقلة الأولية تشير إلى أن الأضرار التي لحقت بالكابلات ناتجة على الأرجح عن نشاط الملاحة التجارية في المنطقة". ولفت إلى أن "سحب المراسي من السفن التجارية تُعد السبب الرئيسي في نحو 30% من حالات تلف الكابلات سنوياً، ما يعادل ما يقارب 60 حادث عطل عالمياً".

من جانبه، أوضح دوغ مادوري، مدير تحليل الإنترنت في شركة "كينتيك" (Kentik)، أن التقديرات تشير إلى أن سفينة تجارية أسقطت مرساها في منطقة ذات عمق ضحل، ثم سحبته أثناء تحركها، ما أدى إلى جرّه لأربعة كابلات بحرية على التوالي، وقطعها. وأشار مادوري إلى أن بعض الكابلات التي تمر عبر البحر الأحمر تقع على أعماق قليلة نسبياً، ما يجعلها أكثر عرضة للتلف بسبب نشاطات الملاحة، خصوصاً في الممرات الضيقة والمزدحمة.

وأشارت المعلومات إلى أن الحادث أثر بشكل مباشر على خدمات الإنترنت في دول تشمل الهند، وباكستان، والإمارات العربية المتحدة، ومصر، والأردن، والسعودية، واليمن، وكنيا، وتنزانيا، وجنوب إفريقيا، إضافة إلى دول أخرى في المنطقة.

ورغم أن الاتصالات استُعيدت جزئياً عبر خطوط بديلة، إلا أن العديد من المستخدمين لا يزالون يعانون من بطء في السرعة أو انقطاع متقطع، خصوصاً في الخدمات التي تعتمد على نقل البيانات الكبيرة مثل المؤتمرات المرئية، والتجارة الإلكترونية، وتشغيل التطبيقات السحابية.

وبحسب اللجنة الدولية لحماية الكابلات، فإن نحو 15 كابلًا بحريًا حيويًا تمر عبر مضيق باب المندب، الممر الملاحي الاستراتيجي الذي يربط البحر الأحمر بالخليج العربي، ويفصل بين شرق أفريقيا وشبه الجزيرة العربية. ويعتبر هذا المضيق أحد أكثر الممرات ازدحاماً في العالم، ويُعد شريانًا رئيسيًا للتجارة العالمية والاتصالات الدولية.

وقد حددت السلطات في عدد من الدول الكابلات المتضررة، ومن بينها:

  • كابل جنوب شرق آسيا – الشرق الأوسط – أوروبا الغربية 4 (SEA-ME-WE 4)،
  • كابل الهند – الشرق الأوسط – أوروبا (IMEWE)،
  • كابل فالكون (FALCON GCX)،
  • بالإضافة إلى كابل بوابة أوروبا – الهند (EIG)، الذي أُضيف إلى القائمة في يوم الثلاثاء.

وأشارت التقارير الأولية إلى أن الحادث وقع قبالة ساحل مدينة جدة في المملكة العربية السعودية، لكن لم تُصدر السلطات السعودية أي تأكيد رسمي حول موقع القطع أو السفينة المسؤولة. كما أن الشركات المشغلة للكابلات لم تُعلن حتى الآن عن بيانات رسمية تفصيلية حول الحادث، مما أثار مخاوف من نقص الشفافية في إدارة الأزمات المتعلقة بالبنية التحتية الرقمية.

ويأتي هذا الحادث في ظل توترات أمنية متصاعدة في البحر الأحمر، حيث تشن جماعة الحوثيين في اليمن سلسلة هجمات على السفن التجارية، على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس. وفي أوائل عام 2024، اتهمت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً الحوثيين بالتخطيط لاستهداف الكابلات البحرية باعتبارها أهدافاً استراتيجية. ورغم نفي الجماعة مسؤوليتها عن قطع الكابلات، إلا أن هناك تكهنات بأن إحدى السفن التي أُصيبت في هجمات سابقة قد تكون فقدت تحكمها، ما أدى إلى سحب مرساها وجرّه لكابلات بحرية.

ويُذكّر هذا الحادث بحادث مماثل وقع قبل أكثر من عام، عندما تسبب تلف في كابلات بحرية في تعطيل الاتصالات عبر مناطق واسعة، ما دفع الحكومات والشركات إلى إعادة تقييم استراتيجياتها في تأمين هذه الشبكات الحيوية. ويدعو خبراء إلى تعزيز التعاون الدولي لحماية الكابلات، وزيادة عمق دفنها في المناطق المعرضة للخطر، فضلاً عن تطوير أنظمة إنذار مبكر لمراقبة النشاطات المريبة قرب مسارات الكابلات.

ويحذر المراقبون من أن أي توقف طويل الأمد في هذه الكابلات قد يُحدث تأثيرات اقتصادية واجتماعية عميقة، خصوصاً في الدول النامية التي تعتمد بشكل كبير على الإنترنت في التجارة، والتعليم، والخدمات الحكومية. ويشيرون إلى أن نحو 99% من الاتصالات الدولية عبر الإنترنت تعتمد على الكابلات البحرية، بينما تُستخدم الأقمار الصناعية فقط كبدائل محدودة وبطيئة نسبياً.

في الوقت الراهن، تعمل فرق الصيانة على تحديد مواقع الأعطال بدقة وبدء عمليات الإصلاح، والتي قد تستغرق أسابيع في بعض الحالات، خصوصاً في ظل الظروف الأمنية والبحرية الصعبة في المنطقة. وتُتوقع تكلفة الإصلاحات أن تصل إلى ملايين الدولارات، بينما تُقدر الخسائر الاقتصادية الناتجة عن توقف الإنترنت بعشرات المليارات في الاقتصادات المتضررة.

ويُنظر إلى هذا الحادث كفرصة لاستعادة الزخم في المفاوضات الدولية حول حماية البنية التحتية الرقمية، ووضع إطار قانوني دولي يجرّم استهداف الكابلات البحرية، سواء كان عمداً أو نتيجة إهمال. وسط دعوات متزايدة لتحويل هذه الشبكات إلى "منشآت حيوية" يُحميها القانون الدولي، شأنها في ذلك شأن خطوط أنابيب النفط أو محطات الكهرباء العابرة للحدود.